الظاهر عدم دلالتها على ذلك ، فلا يجري التسامح في أدلّة المكروهات ، لأنّ غاية ما يمكن أن يقال في هذا المقام : أنّ الخبر الضعيف الذي قام على كراهة شيء أو حرمته ، يدلّ بالدلالة الالتزاميّة على أنّ في ترك ذلك الشيء أجر وثواب ، كما هو كذلك في تروك الصوم والإحرام ، فيدلّ على استحباب الترك ورجحانه ، فيكون الفعل مرجوحا.
وهذا معنى الكراهة فيما لا يكون الفعل حراما ، كما هو المفروض في المقام ، لأنّ الخبر الضعيف إذا كان ظاهرا في الكراهة فلا وجه لحرمة الفعل ، وإذا كان ظاهرا في الحرمة فلا تثبت الحرمة به لعدم حجّيته لضعفه.
وأنت خبير : بأنّ هذا الكلام ـ على فرض تماميّته وصحّته ـ لا يثبت إلاّ استحباب الترك ، لا كراهة الفعل ، لعدم الملازمة بينهما فعلا وتركا ، فيمكن أن يكون الفعل أو الترك مستحبّا ، ولا يكون الطرف الآخر مكروها ، وكذلك يمكن أن يكون الفعل أو الترك مكروها. ولا يكون الطرف المقابل مستحبّا.
هذا مع أنّه لو كان الفعل حراما أو مكروها معناه أنّ فيه مفسدة ملزمة في الأوّل وحزازة في الثاني ، لا أنّ في الترك مصلحة كي يكون له أجر وثواب.
هذا ، مضافا إلى أنّ ظاهر هذه الأخبار ترتّب الأجر والثواب على عمل عمله التماس ذلك الأجر ، والعمل ظاهر في الأمر الوجودي ولا يشمل التروك.
نعم ربما يكون مفاد الخبر الضعيف استحباب ترك أو وجوبه ، كما أنّه ربما يقع ذلك في باب الصوم وباب الإحرام ، فحينئذ يمكن التمسّك لا استحباب ذلك الترك بهذه الأخبار ، لكن هذا خارج عن محلّ البحث والكلام.
ثمَّ إنّه بناء على ما استظهرنا من هذه الأخبار من استحباب العمل الذي صار معنونا بعنوان بلوغ الأجر والثواب عليه ، فلا بدّ من صدق البلوغ عرفا لتحقّق موضوع الاستحباب به ، وذلك لا يكون إلاّ بدلالة الخبر الضعيف عليه بإحدى