( أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشّاهِدِينَ ) (١).
ومنها قوله تعالى ( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً ) (٢).
وقوله تعالى ( كُونُوا قَوّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ ) (٣).
وفيها : أما الآية الأولى ، فلا ربط لها بمقامنا ومحل بحثنا ، أي نفوذ الإقرار على النفس ، لأن الله تعالى في الآية يخاطب الناس ويقول بعد أخذ العهد والمواثيق منهم : أن يؤمنوا وينصروا رسله ، هل أقررتم وأخذتم على ذلكم إصري ، أي ثقلي؟ والمراد بالثقل : العهود والمواثيق الذي أخذ منهم ، أي قبلتم عهودي ومواثيقي ، قالوا : أقررنا ، أي قبلنا تلك العهود والمواثيق ، فقال الله تعالى : فاشهدوا أيتها الملائكة أو الأنبياء أو الأمم على قبولكم ، وأنا الله أيضا من الشاهدين ، فلا ربط لها بنفوذ إقرار العقلاء على أنفسهم ، لأن المراد من الأمر بالشهادة تثبيت تلك العهود والمواثيق عليهم وإتمام الحجة ، ولذلك يقول هو تعالى بعد ذلك ( وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشّاهِدِينَ ) أي لا يمكن لكم أن تنكروا هذه العهود.
وأما الآية الثانية ، فالمراد من قوله تعالى ( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ ) إما هم الفاسقون ، المعترفون بذنوبهم ، التائبون عما فعلوا من خلط العمل الصالح بالعمل السيء ، أو هم المتخلفون عن غزوة تبوك فندموا وتابوا ، على التفصيل المذكور في كتب التفاسير ، وعلى كل واحد من التقديرين لا ربط لها بنفوذ إقرار العقلاء على أنفسهم.
نعم اعترافهم بذنوبهم إقرار على أنفسهم ، ولكن أي ربط له بنفوذ إقرار كل عاقل على نفسه.
وأما الآية الثالثة ، فتقريب الاستدلال بها أن أمره تعالى بكونهم شهداء لله ولو
__________________
(١) آل عمران (٣) : ٨١.
(٢) التوبة (٩) : ١٠٢.
(٣) النساء (٤) : ١٣٥.