كما أنه قيل في قاعدة التجاوز ونحن بنينا على هذا (١) إنه لو شك في إتيان صلاة الظهر في أثناء الاشتغال بصلاة العصر ، أو شك في أنه توضأ للصلاة أم لا في أثناء الصلاة ، فقاعدة التجاوز تثبت الإتيان بصلاة الظهر من حيثية شرطية إتيانها قبل صلاة العصر ، ولا تثبت وجودها بقول مطلق ، ولذلك بعد الفراغ عن الصلاة يجب الإتيان بها ، لأن قاعدة التجاوز مفادها أن بعد التجاوز عن محل الشرط لو شك في إتيان الشرط يمضي في عمله ويبنى على الإتيان بالشرط. فالتعبد بوجود صلاة الظهر بما هو شرط ، لا بما هو هو.
وبعبارة أخرى : مفاد القاعدة أنه تعبد بأن العمل الذي أنت مشغول به ليس فاقد الشرط ، وأما ذات صلاة الظهر وأنه أتى بها أو لم يأت بها ، فلا نظر للقاعدة إليها ، ولذلك بعد الفراغ يلزم أن يأتي بها.
وكذلك الأمر في الشك في الوضوء في أثناء الصلاة ، فقاعدة التجاوز تثبت وجود الطهارة من حيث شرطيتها لهذه الصلاة ، ولا تثبت ذات الوضوء من حيث نفسه ، ولذلك بالنسبة إلى الصلوات الآخر لا بد له إلا أن يتوضأ.
وحاصل الكلام : أن قاعدة التجاوز مفادها التعبد بوجود صلاة الظهر من حيث شرطيتها لصلاة العصر ، وكذلك بوجود الوضوء من حيث شرطيته للصلاة ، لا أصل وجوده.
ومما ذكرنا ظهر أنه لا وجه لما توهموه من الإشكال ، بأنه إن كان الإقرار على النفس مثبتا لما أقر به فيجب ترتيب جميع آثار ما أقر به ، وإن لم يكن مثبتا له فلا يترتب عليه شيء أصلا ، لأنه بناء على هذا يكون إقراره ، وجوده كعدمه ، وذلك من جهة أن إقراره يثبت ما أقر به ، لكن بالنسبة إلى آثاره التي تكون على ضرر المقر ، لا ما يكون له ، ولا ما يكون ضررا على غيره ، ولا ما يكون لنفع غيره ، ولا ما يكون لا له
__________________
(١) « القواعد الفقهية » ج ١ ، ص ٣١٥.