جميع موارد المتضايفين ، فأبوه زيد لعمرو لا يمكن أن تتحقق بدون بنوة عمرو ، فإذا أقر زيد بأبوته لعمرو وقلنا أن أبوته لعمرو تثبت بالإقرار الذي من الأمارات ، فقهرا يثبت بنوة عمرو بتلك الأمارة.
كما أنه لو قامت البينة على أبوه زيد لعمرو ، تثبت بنوة عمرو له أيضا بتلك البينة ، وذلك لحجية مثبتات الأمارات.
قلت : أن أمارية الإقرار ليست مطلقة ، بل يثبت ما أقر به من حيث كونه منشأ للآثار التي تكون ضررية على المقر ، ولا يثبت ما أقر به مطلقا ، وقلنا إن الثبوت ليس ثبوتا حقيقيا وجدانيا وتكوينيا ، وإنما هو ثبوت تعبدي بلحاظ الآثار ، فيمكن أن يكون الإقرار أمارة على ثبوت الأبوة من حيث آثارها التي تكون ضررية على المقر فقط ، كما مثلنا بقاعدة التجاوز والشك في أثناء صلاة العصر أنه أتى بصلاة الظهر أم لا ، والشك في أنه توضأ أم لا.
وخلاصة الكلام : أن الإقرار قد يكون على نفس المقر فقط ـ مثل أن يقر بأن لفلان عليه كذا ـ فنافذ قطعا ، وقد يكون على نفسه وعلى غيره ، وهذا على قسمين :
الأول : أن يكون المقر به في كل واحد منهما مستقلا غير مربوط بالآخر ، مثل أن يقر أحد الشريكين ببيع تمام دار المشترك بينه وبين غيره ، فينفذ في حصته من تلك الدار دون حصة شريكه. وهذا الصورة أيضا لا كلام ولا إشكال فيها ، لأنه في الحقيقة إقراران : إقرار ببيع حصته ، وهذا على نفسه ونافذ. وإقرار ببيع شريكه حصته ، وهذا إقرار على الغير وليس بنافذ.
الثاني : أن يكون المقر به في كل واحد منهما مربوطا بالآخر ، لا ينفك أحدهما عن الآخر ، لأن المقر به معنى قائم بالطرفين ، وذلك كإقراره بأبوة شخص أو بنوته أو أخوته ، أو بالزنا مع امرأة معينة ، إلى غير ذلك من الأمثلة الكثيرة لهذا القسم.
وهذا القسم هو الذي وقع محل الإشكال ، وأنه كيف يمكن التفكيك بأن يكون