صدقوا ربوبيّته تعالى لهم (١).
ولكن مع ذلك ذهب جماعة إلى أنّه إقرار ، لأنّ « نعم » تستعمل بمعنيين ، أي تصديق النفي تارة ، والمنفي أخرى.
وقد استشهد لهم صاحب الجواهر قدسسره (٢) بقول الأنصار في جواب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حين قال لهم : « ألستم ترون ذلك »؟ فقالوا : نعم ، في مقام تصديق أنّه لهم.
وبقول الشاعر :
أليس الليل يجمع أم عمرو |
|
وإيّانا فذاك بنا تداني |
نعم وأرى الهلال كما تراه |
|
ويعلوها النهار كما علاني |
ثمَّ حكى عن المسالك أنّ الحكم بكونه إقرارا قويّ.
ولكن أنت خبير بأنّ صرف استعمال « نعم » مقام « بلى » في بعض الاستعمالات لا يثبت كونه إقرارا ما لم يكن له ظهور عرفي ، وإثبات مثل هذا الظهور بمجرّد استعماله مقام « بلى » في بعض الأحيان لا يخلو من نظر ، ولا أقلّ من الشكّ في ذلك.
ومعلوم أنّه إذا بلغت النوبة إلى الشكّ ، فالأصل عدم ثبوت الإقرار ، إلاّ أن يكون في مورده إطلاق لفظي يرفع الشكّ. وأمّا لو كان السؤال كلاما مثبتا ـ كما إذا سأل عنه : أنّ لي كذا درهما أو شيئا عليك؟ فأجاب بنعم أو بأجل ـ يكون إقرارا بمضمون ذلك الكلام ، وذلك لأنّ نعم وأجل كلاهما حرف تصديق وجواب ، فإذا أجاب بها أو بإحداهما فقد صدّق السائل فيما أثبته عليه.
ثمَّ انّ الفقهاء ذكروا فروعا كثيرة في كتاب الإقرار ، وتردّدوا أو تنظروا في انطباق هذه القاعدة على بعضها لم نذكرها ، لأنّ محلّ البحث عنها هو كتاب الإقرار ، والمقصود
__________________
(١) « مغني اللبيب » ج ٢ ، ص ٤٥٢.
(٢) « جواهر الكلام » ج ٣٥ ، ص ٨٤.