الظاهر ، وقد عرفت الحال وكذلك المراد من كليهما.
هذه هي جملة الوجوه التي ذكروها في بيان معنى المدّعي والمراد منه.
ولكن الظاهر من لفظة « المدّعي » في مقام الخصومة وفي مقابل المنكر حسب المتفاهم العرفي ـ الذي هو المناط في باب تعيين مراد المتكلم ـ هو أن يكون ما يدّعيه ممّا ليس عليه حجّة فعليّة ، إذ لو كان على ما يدّعيه على خصمه من عين أو دين أو حقّ حجّة فعلية ، فيعمل على طبق تلك الحجّة.
وبعبارة أخرى : المدّعي يريد في مقام المخاصمة أن يثبت ما يدّعيه ، ولذلك يطالب بالبيّنة.
وأمّا إذا كان ثابتا لكونه على طبق الحجّة الفعليّة ، فلا معنى لأن يكون في مقام إثبات ما يدّعيه ، لأنّه يكون من قبيل تحصيل الحاصل ، وأيضا لا معنى لأن يطالب بالبيّنة ، فالذي تحت يده مال ويتصرّف فيه كيف ما يشاء ، فبعد الاعتراف بأنّ اليد أمارة الملكيّة ، فمالكيّة ذي اليد لذلك المال الذي تحت يده ثابتة لا تحتاج إلى دليل الإثبات ، فلا معنى لإطلاق المدّعي عليه.
نعم لو ادّعي شخص آخر ـ الذي ليس له يد على هذا المال ـ أنّه له ، يطالب بالدليل على ما يدّعيه ، ولا بدّ له في إثبات ما يدّعيه أن يأتي بدليل حاكم على اليد ، وهي البيّنة على ما قرّره الشارع ، وإلاّ لو لم يكن أقوى من اليد بالحكومة أو التخصيص يتعارضان ويتساقطان.
وخلاصة الكلام : أنّ قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « البيّنة على المدّعي ، واليمين على من أنكر » بيان لوظيفة المتخاصمين ، وعبّر عن أحد المتخاصمين بالمدّعي وعن الآخر بالمنكر ، فجعل البيّنة وظيفة المدّعي واليمين وظيفة المنكر.
وحيث أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يخترع طريقا خاصّا في محاوراته لتبليغ الأحكام ، بل كان صلىاللهعليهوآلهوسلم يتكلّم بما هو طريقة العرف ، فلا بدّ في فهم مراده صلىاللهعليهوآلهوسلم من الرجوع إلى ما يفهمه العرف