وأمّا الكبرى ، فلأنّ المظنون ـ بل المقطوع ـ أنّ مدرك المتّفقين على فرض وجود الاتّفاق وتحقّقه هو ما ذكرنا من أدلّة رفع القلم وعدم جواز أمره وغير ذلك ممّا تقدّم ، فليس من الإجماع المصطلح.
الثاني : أصالة عدم ترتّب آثار الدعوى ـ من وجوب السماع وقبول البيّنة والإقرار وسقوطها ، أي الدعوى بحلف المنكر وغير ذلك ـ على دعواه.
وفيه : أنّ عموم « البيّنة على المدّعي ، واليمين على من أنكر » واف بلزوم ترتيب تلك الآثار.
الثالث : عدم سلطنة الصبي على المطالبة بذلك الشيء الذي يدّعي ثبوته على الطرف ، فلا يمكن أن يكون له السلطنة على إلزام الطرف بأمر الذي من شؤونه السلطنة على مطالبته بذلك الأمر ، وإلاّ يلزم انفكاك اللازم عن الملزوم.
بيانه : أنّ حقيقة الدعوى المسموعة هي أن يكون المدّعي له السلطنة على إلزام خصمه بثبوت أمر ، من عين أو مال أو حقّ عليه ، وإن كان بتوسّط إقامة البيّنة على ذلك الأمر ، ولازم هذه السلطنة هو أن يكون له السلطنة على مطالبة ذلك الأمر ، فإذا جاء الدليل على نفي الأخيرة عن الصبي لصغره وعدم بلوغه إلى مرتبة الكمال ، فلازم نفي اللازم نفي الملزوم بالدلالة الالتزامية. هذا ما أفاده أستاذنا المحقق قدسسره في هذا المقام.
وفيه : أنّه لا ملازمة بين سلطنته على إلزام الخصم وإثبات أمر عليه ، وسلطنة نفسه على مطالبة ذلك الأمر ، بل تكون سلطنة المطالبة بذلك الأمر لوليّه ، وذلك كما أنّه لو اشترى الولي شيئا يصير ملكا له ، ومن شؤون الملكيّة سلطنة المالك على ملكه بأنّ له أنحاء التصرّفات المشروعة ، ولكن بالنسبة إلى الصبي ليس له هذه التصرّفات مباشرة ، بل تكون هذه السلطنة لوليّه.
فالإنصاف أنّه لو لم يكن إجماع الكلّ واتّفاقهم في البين ، لكان مقتضى القواعد الأوّلية سماع قوله ، خصوصا في غير الماليات ، كادّعائه جناية عليه إذا كان مراهقاً