وعن قرب الإسناد عن ابن حكيم عن البزنطيّ ، قال : قلت للرضا عليهالسلام : إنّ أصحابنا بعضهم يقول بالجبر ، وبعضهم يقول بالاستطاعة ، فقال لي : اكتب : قال الله تبارك وتعالى : يا ابن آدم! بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء ، وبقوّتي أدّيت إليّ فرائضي ، وبنعمتي قويت على معصيتي ، جعلتك سميعا بصيرا قويّا ، ما أصابك من حسنة فمن الله ، وما أصابك من سيئة فمن نفسك ، وذاك أنّي أولى بحسناتك منك وأنت أولى بسيئاتك منّي ، وذلك أنّي لا أسأل عما أفعل وهم يسألون ، فقد نظمت لك كلّ شيء تريد (١).
وعن تفسير علي بن إبراهيم بسنده عن السكوني عن جعفر عن أبيه صلوات الله عليهما ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ... إن الله يقول : يا ابن آدم! بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء ، وبإرادتي كنت أنت الذي تريد لنفسك ما تريد ، وبفضل نعمتي عليك قويت على معصيتي ، وبقوتي وعصمتي وعافيتي أدّيت إليّ فرائضي ، وأنا أولى بحسناتك منك ، وأنت أولى بذنبك منّي ، الخير منّي إليك بما أوليتك به ، والشرّ منّي إليك بما جنيت جزاء (٢).
قال المجلسيّ ـ قدسسره ـ : قوله تعالى : بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء ، أي شئت أن أجعلك شائيا مختارا ، وأردت أن أجعلك مريدا ، فجعلتك كذلك.
ومنها : أنّ الله تعالى كان عالما بكل شيء ، ومنه أفعال العباد ، فيجب أن تقع أفعالهم على طبق علمه وإلا لزم جهله.
والجواب : إنّه تعالى كما علم وقوع المعاصي والطاعات من العباد ، علم قدرتهم فيها وأنّهم يفعلونها بها ، والعلم كاشف لها على ما هي عليه ، وهذا معنى قول المحقق الطوسي : والعلم تابع (٣). وفي رواية الكافي عن أبي عبد الله عليهالسلام : إنّ الله لم يجبر أحدا على معصيته ، ولا أراد إرادة حتم الكفر من أحد ، ولكن حين كفر كان في إرادة الله أن يكفر ، وهم في إرادة الله وفي علمه أن لا يصيروا إلى شيء من الخير ... (٤).
__________________
(١) البحار ٥ : ٥٧ ، عن قرب الإسناد والتوحيد والعيون.
(٢) البحار ٥ : ٩٣.
(٣) كشف المراد ٢٣٠.
(٤) الكافي ١ : ١٦٢.