وخصماء الرحمن ، وقدرية هذه الامة ومجوسها. يا شيخ ، إن الله عزّ وجلّ كلّف تخييرا ، ونهى تحذيرا ، وأعطى على القليل كثيرا ، ولم يعص مغلوبا ، ولم يطع مكرها ، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا ، ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار.
فنهض الشيخ وهو يقول :
أنت الإمام الذي نرجو بطاعته |
|
يوم النجاة من الرحمن غفرانا |
إلى آخر الأبيات. (١).
وفيه عن الاحتجاج : روي عن علي بن محمّد العسكري عليهماالسلام : في رسالته إلى أهل الأهواز في نفي الجبر والتفويض أنّه قال : روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام : أنّه سأله رجل بعد انصرافه من الشام فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن خروجنا إلى الشام أبقضاء وقدر؟
فقال له أمير المؤمنين : نعم يا شيخ! ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن واد إلاّ بقضاء من الله وقدره ، فقال الرجل : عند الله أحتسب عنائي ، والله ما أرى لي من الأجر شيئا.
فقال علي عليهالسلام : بلى فقد عظّم الله لكم الأجر في مسيركم وأنتم ذاهبون ، وعلى منصرفكم وأنتم منقلبون ، ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين.
فقال الرجل : وكيف لا نكون مضطرين والقضاء والقدر ساقانا ، وعنهما كان مسيرنا؟ فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : لعلّك أردت قضاء لازما وقدرا حتما ، لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب والعقاب ، وسقط الوعد والوعيد ، والأمر من الله والنهي ، وما كانت تأتي من الله لائمة لمذنب ، ولا محمدة لمحسن ، ولا كان المحسن أولى بثواب الإحسان من المذنب ، ولا المذنب أولى بعقوبة الذنب من المحسن ، تلك مقالة إخوان عبدة الأوثان ، وجنود الشيطان ، وخصماء الرحمن ، وشهداء الزور والبهتان ، وأهل العمى والطغيان ، هم قدريّة هذه الأمّة ومجوسها ، إنّ الله تعالى أمر تخييرا ونهى تحذيرا ، وكلّف يسيرا ، ولم يعص مغلوبا ، ولم يطع مكرها ، ولم يرسل الرسل هزلا ، ولم ينزل القرآن عبثا ، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظنّ الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار.
__________________
(١) البحار ٥ : ١٣ ، عن العيون.