فعن التوحيد بسنده عن المعلّى بن محمّد ، قال : سئل العالم عليهالسلام : كيف علم الله؟ قال : علم وشاء ، وأراد وقدّر ، وقضى وأمضى ، فأمضى ما قضى ، وقضى ما قدّر ، وقدّر ما أراد ، فبعلمه كانت المشيئة ، وبمشيئته كانت الإرادة ، وبإرادته كان التقدير ، وبتقديره كان القضاء ، وبقضائه كان الإمضاء. فالعلم متقدم على المشيئة ، والمشيئة ثانية ، والإرادة ثالثة ، والتقدير واقع على القضاء بالإمضاء. فلله تبارك وتعالى البداء فيما علم متى شاء ، وفيما أراد لتقدير الأشياء. فإذا وقع القضاء بالإمضاء فلا بداء ... إلى آخر الخبر بتفصيله ، أورده العلاّمة المجلسيّ قدسسره في البحار في باب القضاء والقدر (١).
ولعلّ المراد بالإمضاء هو إيجاده في الخارج ، فعليه ما لم يتحقق الشيء في الخارج يجري فيه البداء ، كما ورد في الرواية : الدعاء يردّ القضاء وقد أبرم إبراما (٢).
وفي المحاسن بسنده عن يونس عن الرضا عليهالسلام قال : قلت : لا يكون إلا ما شاء الله وأراد وقضى؟ فقال : لا يكون إلا ما شاء الله وأراد وقدّر وقضى ، قال : قلت : فما معنى شاء؟ قال : ابتداء الفعل ، قلت : فما معنى أراد؟ قال : الثبوت عليه ، قلت : فما معنى قدّر؟ قال : تقدير الشيء من طوله وعرضه ، قلت : فما معنى قضى؟ قال : إذا قضى أمضاه ، فذلك الذي لا مردّ له (٣).
قال المجلسيّ رحمهالله : ابتداء الفعل ، أي أوّل الكتابة في اللوح ، أو أوّل ما يحصل من جانب الفاعل ويصدر عنه مما يؤدّي إلى وجود المعلول.
أقول : لعلّ المراد بقوله إذا قضى أمضاه : القضاء المقارن للإمضاء ، أي الإيجاد. أو المراد مسبوقية الإمضاء بالقضاء.
وفي المحاسن بسنده عن محمّد بن إسحاق ، قال : قال أبو الحسن عليهالسلام ليونس مولى علي بن يقطين : يا يونس! لا تتكلّم بالقدر ، قال : إنّي لا أتكلّم بالقدر ، ولكن أقول لا يكون إلاّ ما أراد الله وشاء وقضى وقدّر ، فقال : ليس هكذا أقول ولكن أقول : لا يكون إلاّ
__________________
(١) البحار ٥ : ١٠٢.
(٢) البحار ٦٢ : ٢٢٨.
(٣) المحاسن ٢٤٤ ، وعنه البحار ٥ : ١٢٢ ، وعبارة صدر الحديث متفاوتة فيهما ، والمتن موافق للمحاسن.