فلا تظنّه ، فإنّ الظنّ له محبط للأعمال. فقال الرجل : فرّجت عني يا أمير المؤمنين فرّج الله عنك (١).
ومنها يظهر معنى ما في البحار عن التوحيد في خبر الفتح بن يزيد ، عن أبي الحسن عليهالسلام : إنّ لله إرادتين ومشيئتين : إرادة حتم ، وإرادة عزم ، ينهى وهو يشاء ، ويأمر وهو لا يشاء. أو ما رأيت أنّ الله نهى آدم وزوجته أن يأكلا من الشجرة وهو شاء ذلك؟! ولو لم يشأ لم يأكلا ، ولو أكلا لغلبت مشيئتهما مشيئة الله ، وأمر إبراهيم بذبح ابنه وشاء أن لا يذبحه ، ولو لم يشأ أن لا يذبحه لغلبت مشيئة إبراهيم مشيئة الله عزّ وجلّ (٢).
ويظهر أيضا أنّ الإذن في قوله عليهالسلام في رواية الاحتجاج عن علي بن محمد العسكري (٣) عن موسى بن جعفر عليهمالسلام : ولا يكونوا آخذين ولا تاركين إلاّ بإذنه (٤) ، بمعنى التخلية بينهم وبين العمل وعدم منعهم عنه تكوينا لا الترخيص فيه ولا الجبر فيه أيضا.
وما في البحار عن معاني الأخبار بسنده عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : شاء وأراد ولم يحبّ ولم يرض. قلت : كيف؟ قال : شاء أن لا يكون شيء إلاّ بعلمه ، وأراد مثل ذلك ، ولم يحبّ أن يقال له : ثالث ثلاثة ، ولم يرض لعباده الكفر (٥).
الظاهر أنّ المراد منه أيضا إمكان الجمع بين مشيئته وجود شيء وبين عدم الحبّ له وعدم الرضا به ، فإنّ القول بأنّه ثالث ثلاثة وكذا الكفر به تعالى الصادران عن المخلوق بسوء اختياره مما لا يحبّه الله ولا يرضى به ، ومع ذلك صحّ القول بأنّهما بمشيئة الله ، حيث إنّه لو لم يشأ هما من أحد ـ لكونهما مما يمتحن به العبد ـ لمنع من وقوعهما ، فالمشيئة هنا أيضا بمعنى التخلية بين العبد وبين ما يفعله بسوء اختياره الذي يعلمه الله ،
__________________
(١) البحار ٥ : ٩٦.
(٢) البحار ٥ : ١٠١.
(٣) كما في البحار ، لكن في الاحتجاج : عن الحسن بن علي بن محمّد العسكريّ.
(٤) الاحتجاج ٢ : ١٥٨ ، البحار ٥ : ٢٦.
(٥) البحار ٥ : ٨٩ ، عن معاني الأخبار ١٧٠. ورواه الكلينيّ في الكافي ١ : ١٥١ بسنده عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليهالسلام.