بالجبر كافر ، والقائل بالتفويض مشرك. فقلت له : يا ابن رسول الله ، فما أمر بين أمرين؟ فقال : وجود السبيل إلى إتيان ما أمروا به وترك ما نهوا عنه. فقلت له : فهل لله عزّ وجلّ مشيئة وإرادة في ذلك؟ فقال : أمّا الطاعات فإرادة الله ومشيئته فيها الأمر بها ، والرضا لها ، والمعاونة عليها. وإرادته ومشيئته في المعاصي النهي عنها والسخط لها ، والخذلان عليها. قلت : فلله عزّ وجلّ فيها القضاء؟ قال : نعم ، ما من فعل يفعله العباد من خير وشر إلاّ ولله فيه قضاء. قلت : فما معنى هذا القضاء؟ قال : الحكم عليهم بما يستحقونه على أفعالهم من الثواب والعقاب في الدنيا والآخرة (١).
وما في البحار عن الكراجكيّ في كنز الفوائد ، قال الصادق عليهالسلام لزرارة بن أعين : يا زرارة! أعطيك جملة في القضاء والقدر؟ قال : نعم جعلت فداك ، قال : إذا كان يوم القيامة وجمع الله الخلائق سألهم عما عهد إليهم ، ولم يسألهم عمّا قضى عليهم (٢).
وفيه أيضا عن الاحتجاج عن علي بن محمد العسكري عليهماالسلام في رسالته إلى أهل الأهواز في نفي الجبر والتفويض أنّه قال : روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه سأله رجل بعد انصرافه من الشام : يا أمير المؤمنين! أخبرنا عن خروجنا إلى الشام أبقضاء وقدر؟ فقال له أمير المؤمنين : نعم يا شيخ ... إلى أن قال : فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : لعلّك أردت قضاء لازما وقدرا حتما ، لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب والعقاب ، وسقط الوعد والوعيد ، والأمر من الله والنهي ... إلى آخر الخبر (٣) ، الذي ذكرناه في الأدلّة النقليّة على نفي الجبر (٤).
وفيه أيضا عن الاحتجاج : وروي أنّ الرجل قال : فما القضاء والقدر الذي ذكرته يا أمير المؤمنين؟ قال : الأمر بالطاعة ، والنهي عن المعصية ، والتمكين من فعل الحسنة وترك المعصية ، والمعونة على القربة إليه ، والخذلان لمن عصاه ، والوعد والوعيد ، والترغيب والترهيب. كل ذلك قضاء الله في أفعالنا ، وقدره لأعمالنا ، أمّا غير ذلك
__________________
(١) البحار ٥ : ١١ ، عن العيون.
(٢) البحار ٥ : ٦٠.
(٣) البحار ٥ : ٩٥.
(٤) راجع ص ١٥٢.