ويمكن أن يقال ـ بقرينة الرواية المتقدّمة ـ كما عن تفسير القمي : إنّ هاتين الآيتين أيضا ناظرتان إلى الجنّة والنار في البرزخ (١).
وقوله تعالى : ( وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى ) (٢).
قال السيّد شبّر في تفسيره : وهو حبيب النجار ، ... ( قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ) قال : ذلك بعد موته أو قتله ، بشّره الرسل به ، أو حين همّوا بقتله فرفع إلى الجنّة حيّا ، ... ( قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ. بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ) ، تمنّى علمهم بحاله ، ليرغبوا في مثله ... انتهى.
وقوله تعالى : ( يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ. ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً. فَادْخُلِي فِي عِبادِي. وَادْخُلِي جَنَّتِي ) (٣).
وقوله تعالى : ( فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ. فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ ) (٤) ، فإنّ حرف الفاء الدالّ على التعقيب يدلّ على أنّ ذلك كان بعد موته.
وقوله تعالى : ( يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ ) (٥) ، فإنّ الآخرة في مقابل الدنيا شاملة للبرزخ ، كما يشهد عليه مناسبة هذه الآية لما يلقّن به الميّت عند دفنه.
والروايات من طريق العامّة والخاصّة في حياة الروح في البرزخ وفي تفسير الآيات المذكورة بها متظافرة ، ومقتضاها أنّه بعد ما تخرج الروح من البدن ويدخل البدن القبر تردّ روحه من رأسه إلى أوساط بدنه ، فيأتيه الملكان ويسألانه (٦) ، وترد عليه الضغطة من قبره ، وإن لم يقبر فمن الهواء (٧). وقلّ من يسلم منها (٨).
__________________
(١) تفسير القمّيّ ١ : ٣٣٨ ، ٢ : ٥٢.
(٢) يس : ٢٠.
(٣) الفجر : ٢٧ ـ ٣٠.
(٤) الواقعة : ٨٨ ، ٨٩.
(٥) إبراهيم ٢٧.
(٦) البحار ٦ : ٢٠٢ الباب ٨.
(٧) البحار ٦ : ٢٦٦.
(٨) كما في البحار ٦ : ٢٦١ ، عن الكافي.