وعن أبي محمّد العسكريّ عليهالسلام قال : قال عليّ بن أبي طالب عليهالسلام : من كان من شيعتنا عالما بشريعتنا ، فاخرج ضعفاء شيعتنا من ظلمة جهلهم إلى نور العلم الذي حبوناه به ، جاء يوم القيامة وعلى رأسه تاج من نور يضيء لأهل جميع العرصات ، وعليه حلّة لا يقوم لأقلّ سلك منها الدنيا بحذافيرها ، ثم ينادي مناد : يا عباد الله! هذا عالم من تلامذة بعض علماء آل محمّد صلوات الله عليهم ، ألا فمن أخرجه في الدنيا من حيرة جهله فليتشبّث بنوره ليخرجه من حيرة ظلمة هذه العرصات إلى نزه الجنان ، فيخرج كلّ من علّمه في الدنيا خيرا ، أو فتح عن قلبه من الجهل قفلا ، أو أوضح له عن شبهة (١).
وعن أمير المؤمنين صلوات الله عليه لما سأله الجاثليق فقال : أخبرني عن الله عزّ وجلّ يحمل العرش أم العرش يحمله؟ فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : الله عزّ وجلّ حامل العرش والسموات والأرض وما فيهما وما بينهما ... إنّ العرش خلقه الله تعالى من أنوار أربعة ... وهو العلم الذي حمّله الله الحملة ، وذلك نور من عظمته ، فبعظمته ونوره أبصر قلوب المؤمنين ، وبعظمته ونوره عاداه الجاهلون ، وبعظمته ونوره ابتغى من في السموات والأرض من جميع خلائقه إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة والأديان المشتبهة ، فكلّ محمول يحمله الله بنوره وعظمته وقدرته ، لا يستطيع لنفسه ضرّا ، ولا نفعا ، ولا موتا ، ولا حياة ، ولا نشورا ، فكلّ شيء محمول ، والله تبارك وتعالى الممسك لهما أن تزولا ، والمحيط بهما من شيء ، وهو حياة كلّ شيء ، ونور كلّ شيء ، سبحانه وتعالى عما يقولون علوّا كبيرا.
قال له : فأخبرني عن الله عزّ وجلّ أين هو؟ فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : هو هاهنا ، وهاهنا ، وفوق ، وتحت ، ومحيط بنا ، ومعنا ، وهو قوله : ( ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ) (٢).
فالكرسيّ محيط بالسماوات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى ، وإن تجهر بالقول فإنّه يعلم السرّ وأخفى ، وذلك قوله تعالى : ( وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما
__________________
(١) البحار ٢ : ٢ ، عن تفسير الإمام والاحتجاج.
(٢) المجادلة ٧.