( هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ. إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ ) (١).
( وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ. وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ. لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ. سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ. وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ. وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ. وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ. لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) (٢).
إلى غير ذلك من الآيات المباركة ، وأما الروايات فنذكر منها طرفا ينبغي التدبر فيها :
فعن هشام بن الحكم أنّه قال : كان من سؤال الزنديق الذي أتى أبا عبد الله عليهالسلام قال :
ما الدليل على صانع العالم؟ فقال أبو عبد الله عليهالسلام : وجود الأفاعيل التي دلّت على أن صانعا صنعها ، ألا ترى أنك إذا نظرت إلى بناء مشيد مبنيّ علمت أنّ له بانيا وإن كنت لم تر الباني ولم تشاهده. قال : وما هو؟ قال : هو شيء بخلاف الأشياء ، أرجع بقولي : شيء إلى إثباته وأنّه شيء بحقيقة الشيئيّة ، غير أنّه لا جسم ولا صورة ، ولا يحسّ ولا يجسّ ، ولا يدرك بالحواسّ الخمس ، لا تدركه الأوهام ، ولا تنقصه الدهور ، ولا يغيّره الزمان.
قال السائل : فإنّا لم نجد موهوما إلاّ مخلوقا ، قال أبو عبد الله عليهالسلام : لو كان ذلك كما تقول لكان التوحيد عنّا مرتفعا فإنّا لم نكلّف أن نعتقد غير موهوم ، لكنّا نقول : كل موهوم بالحواسّ مدرك بها تحدّه الحواس ممثّلا فهو مخلوق ، ولا بدّ من إثبات صانع الأشياء خارجا من الجهتين المذمومتين : إحداهما النفي ، إذ كان النفي هو الإبطال والعدم ، والجهة الثانية : التشبيه بصفة المخلوق الظاهر التركيب والتأليف ، فلم يكن بدّ من إثبات الصانع
__________________
(١) يونس ٥ ، ٦.
(٢) يس ٣٣ ـ ٤٠.