دلّني على معبودي ، فقال له أبو عبد الله عليهالسلام : ما اسمك؟ فخرج عنه ولم يخبره باسمه ، فقال له أصحابه كيف لم تخبره باسمك؟ قال : لو كنت قلت له : عبد الله كان يقول : من هذا الذي أنت له عبد! فقالوا له : عد إليه فقل له يدلّك على معبودك ولا يسألك عن اسمك ، فرجع إليه فقال له : يا جعفر دلّني على معبودي ولا تسألني عن اسمي ، فقال له أبو عبد الله عليهالسلام : اجلس ـ وإذا غلام له صغير في كفّه بيضة يلعب بها ـ فقال أبو عبد الله عليهالسلام :
ناولني يا غلام البيضة ، فناوله إيّاها ، فقال له أبو عبد الله : يا ديصاني هذا حصن مكنون له جلد غليظ ، وتحت الجلد الغليظ جلد رقيق ، وتحت الجلد الرقيق ذهبة مائعة وفضّة ذائبة ، فلا الذهبة المائعة تختلط بالفضّة الذائبة ، ولا الفضّة الذائبة تختلط بالذهبة المائعة ، هي على حالها لم يخرج منها مصلح فيخبر عن إصلاحها ولا دخل فيها مفسد فيخبر عن فسادها ، لا تدري للذكر خلقت أم للانثى ، ينفلق عن مثل ألوان الطواويس ، أترى لها مدبّرا؟
قال : فأطرق مليّا ثم قال : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأن محمّدا عبده ورسوله ، وأنّك إمام وحجّة من الله على خلقه ، وأنا تائب ممّا كنت فيه (١).
وفي نهج البلاغة : الحمد لله الذي بطن خفيّات الأمور ، ودلّت عليه أعلام الظهور ...
لم يطلع العقول على تحديد صفته ، ولم يحجبها عن واجب معرفته ، فهو الذي تشهد له أعلام الوجود على إقرار قلب ذي الجحود ، تعالى الله عمّا يقول المشبّهون به والجاحدون له علوّا كبيرا (٢).
وفي احتجاج أمير المؤمنين صلوات الله عليه مع النصارى ... قال الجاثليق : خبّرني عن الله تعالى أين هو اليوم؟ فقال عليهالسلام : يا نصراني إنّ الله تعالى يجلّ عن الأين ، ويتعالى عن المكان ، كان فيما لم يزل ولا مكان ، وهو اليوم على ذلك ، لم يتغيّر من حال إلى حال.
فقال : أجل ، أحسنت أيّها العالم وأوجزت في الجواب ، فخبّرني عن الله أمدرك
__________________
(١) البحار ٤ : ١٤٠ ، عن التوحيد.
(٢) نهج البلاغة : الخطبة ٤٩.