إبقائي أي إبقاء للغسل الحادث أوّلاً برمس اليد في الماء ، وليس إيجاداً وإحداثاً للغسل غير الغسل المتحقق أوّلاً بإدخال اليد في الماء وهذا ظاهر ، وقد فرضنا أن المأمور به إنّما هو إيجاد الغسل وإحداثه لا إبقاؤه واستمراره.
ومن هنا استشكلنا في الغسل الترتيبي بتحريك الجانبين في الماء ، وإن كان المعروف صحة ذلك وكفايته ، وقد ذكرنا في وجهه أن المأمور به في كل من الغسل والوضوء إنما هو إيجاد الغسل وإحداثه ، ولا يكفي إبقاؤه واستمراره ، ومع فرض أن المكلف قد دخل الماء وتحقق الغسل منه في نفسه إذا حرك جانبيه وهو في الماء كان ذلك غسلاً بقاء ، واستمراراً للغسل الحادث أوّلاً لا إيجاداً للغسل وإحداثاً له.
والذي يكشف عما ذكرناه أنه لو أمرنا بالغسل مرتين في مثل اليد والأواني وغيرهما لم يمكننا الاكتفاء فيهما بإدخال اليد في الماء وإخراجها منه ، بأن يكون الإخراج أيضاً غسلاً على حدة كالادخال حتى يتحقّق بهما التعدّد في الغسل المأمور به ، ولا وجه له إلاّ ما أشرنا إليه آنفاً من أن الإخراج إبقاء للغسل الحادث بالإدخال أوّلاً ، لا أنه غسل جديد كي يتحقّق به التعدّد ، وهذا ظاهر. إذن لا يمكن أن يقتصر في الأواني ونحوها مما يعتبر التعدّد في غسله بإخراجها عن تحت الماء بعد إدخالها فيه أو بتحريكها وهي في الماء ، بل إدخالهما وإخراجهما يعدّان غسلاً واحداً لدى العرف.
وعلى الجملة لا يمكن الفرار بذلك ، أي بقصد الغسل حال الإخراج ، عن محذور المسح بالرطوبة الخارجية ، بل لا بدّ في تحقق المسح برطوبة الوضوء أن يبقي شيئاً من يده اليسرى بعدم رمسه في الماء حتى يغسل الباقي بعد إخراج يده من الماء بيده اليمنى ، لتكون الرطوبة من رطوبة الوضوء دون الرطوبة الخارجية.
نعم ، لا مانع من الغسل الارتماسي في الوضوء إذا لم يكن الغسل بقائياً واستمرارياً كما إذا قصد الغسل المأمور به من الابتداء ، نعم يبتلي المكلف وقتئذٍ بمعضلة كون المسح بالرطوبة الخارجية فيما إذا رمس يده في مثل الحوض والحب ونحوهما أو غسلها بالمطر كما يأتي عليه الكلام في التعليقة الآتية فليلاحظ.