يقيد ذلك بأن يكون المسح بالبلة الباقية من ماء الوضوء ، كما أن الأخبار الآمرة بالمسح مطلقة وغير مقيّدة بأن يكون المسح بالبلة الباقية من ماء الوضوء.
وهذه وجوه ثلاثة للاستدلال بها على ما سلكه ابن الجنيد قدسسره وشيء منها غير صالح للاستدلال به كما لا يخفي.
أمّا دعوى إطلاق الكتاب والسنّة ، فلأن الأمر وإن كان كذلك إلاّ أن هناك روايات واضحة بحسب الدلالة والسند قد دلتنا على لزوم كون المسح بالبلة الباقية من ماء الوضوء ، وبها نرفع اليد عن تلك المطلقات على ما هو قانون حمل المطلق على المقيد في غير المقام. منها : صحيحة زرارة المتقدمة المشتملة على قوله عليهالسلام « تمسح ببلة يمناك ناصيتك » (١) ومنها : غيرها من النصوص فليراجع.
وأما الطائفة الثانية ، أعني الأخبار الواردة في من نسي المسح وتذكره في أثناء الصلاة أو غيره ، فلأن المطلقتين منها لا بدّ من تقييدهما بما ورد في خصوص هذه المسألة من لزوم كون المسح بالبلة الباقية من ماء الوضوء كموثقة (٢) زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام « في الرجل ينسى مسح رأسه حتى يدخل في الصلاة ، قال : إن كان في لحيته بلل بقدر ما يمسح رأسه ورجليه فليفعل ذلك وليصل » (٣) فان مفهومها أنه إذا لم يكن في لحيته بلل يكفي لمسح رأسه ورجليه لم يجز له الاستمرار في الصلاة حتى يتوضأ وضوءاً ثانياً.
وأمّا المصرحة بجواز المسح بالماء الجديد كما يجوز بالبلة الباقية ، فيرد الاستدلال بها أنها وردت في مورد لا يجب على المكلف أن يتوضأ فيه ، فان موردها الشك في الوضوء بعد الفراغ وبعد الدخول في الصلاة ، وقد دلّ النص الصريح على عدم وجوب
__________________
(١) الوسائل ١ : ٤٣٦ / أبواب الوضوء ب ٣١ ح ٢.
(٢) عدّها موثقة يبتني على القول بوثاقة القاسم بن عروة الواقع في سندها ، أو يعدّ خبره صحيحاً نظراً إلى تصحيح العلاّمة قدسسره خبراً هو في طريقه [ كما في منتهى المقال ٥ : ٢٢٤ ] ، ولكن الأوّل لم يثبت والثاني غير مفيد.
(٣) الوسائل ١ : ٤٥١ / أبواب الوضوء ب ٣٥ ح ٤.