الضرورية ، والوجه فيه : أن الرأس ومقدمه وإن كان كالوجه واليدين وغيرهما من أسامي الأعضاء اسماً لنفس العضو والبشرة ، والشعر خارج عنهما لا محالة ، لأنه قد ينبت عليها الشعر وقد لا ينبت ، فلو كنّا نحن والدليل الدال على وجوب مسح الرأس أو مقدّمة لحكمنا بلزوم مسح البشرة نفسها وعدم كفاية المسح على الشعر النابت عليها ، ولكن القرينة الخارجية دلّتنا على جواز مسح الشعر وأنه كمسح نفس البشرة ، والقرينة هي أن الغالب الأكثر وجود الشعر على الرأس ومقدّمه بحيث يقع المسح على الشعر دائماً ، إلاّ في الأصلع ومن حلق رأسه قريباً ، فوقوع المسح على الشعر في الأغلب قرينة على إرادة الأعم من مسح الرأس ، ولو لا هذه القرينة لما ساغ الاكتفاء بمسح الشعر أبداً كما لا يكتفى بغسله في الوجه واليدين إلاّ بدلالة دليل خارجي.
وأمّا مرفوعة محمد بن يحيى عن أبي عبد الله عليهالسلام « في الذي يخضب رأسه بالحناء ثم يبدو له في الوضوء ، قال لا يجوز حتى يصيب بشرة رأسه بالماء » (١) فهي مضافاً إلى ضعف سندها بالرفع ، قاصرة الدلالة على لزوم مسح البشرة وعدم كفاية المسح على شعرها ، وذلك لأن البشرة في الرواية إنما ذكرت في مقابل الجسم الخارجي أعني الحناء ، لا في قبال الشعر النابت عليها ، فالمراد بالبشرة أعم من البشرة وشعرها قبالاً للجسم الخارجي هذا كلّه في الشعر النابت على مقدّم الرأس الذي لا يخرج بمدّه عن حدّ الرأس.
وأمّا الشعور النابتة على حوالي المقدم المتدلية إليه بطبعها وفي نفسها الخارجة بمدها عن حد الرأس والمسح كما إذا كانت مجعدة ، فربما يستشكل في الحكم بعدم الاجتزاء بمسحها بأنها معدودة من توابع المقدم والرأس ، فاطلاقات المسح على المقدم تعمها لا محالة ، لما عرفت من أن المراد منها ليس هو خصوص البشرة.
ولكن الصحيح عدم جواز الاقتصار بمسحها ، لما عرفت من أن مقتضى الأدلة الآمرة بمسح الرأس والمقدّم إنّما هو وجوب مسح البشرة في نفسها ، والشعر خارج
__________________
(١) الوسائل ١ : ٤٥٥ / أبواب الوضوء ب ٣٧ ح ١.