وقد ورد في روايتين جواز المسح على الحناء ، إحداهما : صحيحة عمر بن يزيد قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يخضب رأسه بالحناء ثم يبدو له في الوضوء ، قال : يمسح فوق الحناء » (١) ، وثانيتهما : صحيحة محمد بن مسلم عن الصادق عليهالسلام « في الرجل يحلق رأسه ثم يطليه بالحناء ثم يتوضأ للصلاة فقال : لا بأس بأن يمسح رأسه والحناء عليه » (٢) وربما يجمع بينهما وبين الأخبار المتقدمة بحملهما على إرادة لون الحناء دون نفسه. ويدفعه : أن ذلك خلاف الظاهر ، بل خلاف الصريح في موارد من الصحيحتين.
منها : قوله : « يمسح فوق الحناء » لأنه كالصريح في أن المراد به هو الجسم الخارجي الذي يتصوّر له فوق وتحت ، وظاهر أن اللون عرض وليس للأعراض تحت ولا فوق.
ومنها : قوله : « ثم يطليه بالحناء » وظهوره بل صراحته في إرادة الجسم الخارجي غير قابل للإنكار ، فان الطلي بماء الحناء أمر غير معهود.
ومنها : قوله « والحناء عليه » فإنه أيضاً ظاهر في الجسم الخارجي ، فهذا الجمع غير صحيح.
والصحيح أن تحمل الصحيحتان على التقيّة ، وذلك لأن الروايتين وإن وردتا في الحناء إلاّ أن احتمال إرادة خصوصه مقطوع الفساد ، إذ لم يقل أحد بأن للحناء بين الأجسام الخارجية خصوصية تقتضي الحكم بكفاية المسح عليه دون مثل السدر وغيره من الأجسام.
وعلى ذلك فالقول بجواز المسح على الحناء يستلزم القول بجواز المسح على بقية الأجسام الخارجية ، فإذا أُريد منهما جواز المسح على كل جسم حائل لعارضتهما الأخبار الكثيرة المشهورة التي دلت على وجوب مسح المقدم أو الرأس من دون أن يكون عليهما شيء يمنع عن وقوع المسح على البشرة ، وبما أن تلك الروايات من
__________________
(١) ، (٢) الوسائل ١ : ٤٥٥ / أبواب الوضوء ب ٣٧ ح ٤.