ولا يخفى عدم إمكان المساعدة عليه ، لأن الاستدلال بتلك الأخبار على كفاية المسمّى في المسح يتوقف على أن تكون تلك الروايات ناظرة إلى كفاية المسح ببعض الرجلين بحسب كل من الطول والعرض ، ولا تكون ناظرة إلى كفاية ذلك بحسب العرض فقط ، وهذا يتوقف على تحقيق أن قوله عليهالسلام « ما بين كعبيك إلى أطراف الأصابع » بيان لأي شيء ، وهل هو بيان للشيء في قوله : « أو بشيء من قدميك » ليكون معناه : إذا مسحت بما بين كعبيك إلى أطراف الأصابع من قدميك أجزأك ، أو أنه بيان للقدمين ومعناه : أنه إذا مسحت بشيء مما بين كعبيك إلى أطراف الأصابع فقد أجزأك.
فعلى الأوّل تدلّنا الصحيحتان على ما سلكه المشهور ووجوب الاستيعاب فيما بين الكعبين إلى الأصابع بالمسح ، كما أنهما على الثاني تدلنا على ما ذهب إليه الجماعة من كفاية المسح بشيء مما بين الكعبين إلى الأصابع ، والظاهر هو الأول ، لأن « من قدميك » جار ومجرور ويبعد أن يكون ما الموصولة بياناً له فهي بيان للشيء ، وقد عرفت أن الصحيحة حينئذٍ تدلنا على ما ذهب إليه المشهور ، أعني وجوب الاستيعاب فيما بين الكعبين إلى الأصابع في المسح ، هذا.
بل لو لم يثبت ما ذكرناه واحتملنا رجوع قوله عليهالسلام « ما بين ... » إلى كل من كلمة بشيء ومن قدميك أيضاً لا يمكن الاستدلال بها على مدعى الجماعة لأنها تصبح مجملة حينئذٍ وتخرج عن قابلية الاستدلال بها في المقام ، ومعه لا بدّ من الرجوع إلى مقتضى إطلاق الآية المباركة والروايات ، والإطلاق يقتضي وجوب كون الممسوح بمقدار ما بين الكعبين إلى الأصابع.
ومنها : الأخبار الواردة في عدم وجوب استبطان الشراكين في المسح ، كصحيحة الأخوين المتقدمة حيث ورد في صدرها : « تمسح على النعلين ولا تدخل يدك تحت الشراك » (١) وحسنة زرارة بل صحيحته عن الباقر عليهالسلام « إن عليّاً عليهالسلام مسح على النعلين ولم يستبطن الشراكين » (٢) وغيرهما من الأخبار.
__________________
(١) الوسائل ١ : ٤١٤ / أبواب الوضوء ب ٢٣ ح ٤.
(٢) الوسائل ١ : ٤١٨ / أبواب الوضوء ب ٢٤ ح ٦.