في ذلك العامّة وفسّروا الكعبين بالعظمين الناتئين من يمين الساق وشماله (١).
والتحقيق أنه لا يمكننا تشخيص مفهوم الكعبين بالرجوع إلى تفاسير أهل اللغة وكلمات أصحابنا قدسسرهم للاختلاف في تفسيرهما ، ومن الظاهر أن الرجوع إلى أهل اللغة إنما هو من جهة كونهم أهل الخبرة والاطلاع ، وكونهم من غير الشيعة لا يمنع عن الرجوع إليهم والأخذ بأقوالهم ، وحيث إن المفسرين لمفهومهما من الشيعة وغيرهم مختلفون في تفسيرهما فلا يمكننا الاعتماد على أقوالهم وآرائهم ، ولا يتعيّن أنه قبّة القدم أو العظمان الواقعان عن يمين الساق وشماله ، لاحتمال أن يكون كلاهما كعباً قد يطلق على هذا وقد يطلق على ذاك كما احتمله شيخنا البهائي قدسسره (٢).
إذن لا بدّ من المراجعة إلى الروايات ، فان ظهر منها أن الكعب أي شيء فهو وإلاّ فتصل النوبة إلى الأصل العملي.
والأخبار الواردة في تفسيرهما ظاهرة الدلالة على ما ذكره المشهور ، عدا صحيحة الأخوين التي استدلّ بها العلاّمة قدسسره ومن تبعه من الأعلام على أن الكعب عبارة عن مفصل الساق والقدم (٣) وإليك نصها :
عن زرارة وبكير « أنهما سألا أبا جعفر عليهالسلام عن وضوء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فدعا بطست أو تور فيه ماء فغمس يده اليمنى فغرف بها غرفة فصبها على وجهه إلى أن قال ـ : فاذا مسح بشيء من رأسه ، أو بشيء من قدميه ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع فقد أجزأه ، قال : فقلنا أين الكعبان؟ قال : ها هنا يعني المفصل دون عظم الساق ، فقلنا : هذا ما هو؟ فقال : هذا من عظم الساق والكعب أسفل من ذلك ... » الحديث (٤).
ويرد الاستدلال بها : أن الصحيحة غير ظاهرة في إرادة مفصل الساق والقدم
__________________
(١) المبسوط للسرخسي ١ : ٩٠ ، الام ١ : ٢٧ ، المغني ١ : ١٥٥ ، وحكاه في التذكرة ١ : ١٧٠.
(٢) حبل المتين : ١٨.
(٣) المنتهي ٢ : ٧٢ ، المختلف ١ : ١٢٦.
(٤) الوسائل ١ : ٣٨٨ / أبواب الوضوء ب ١٥ ح ٣.