بعض من الرجلين فلا دلالة لمثله على كفاية مسح بعض ظاهرهما. وأُخرى تدخل الباء على الرجلين المقيدتين بالكعبين ، وحينئذٍ تدلنا على إرادة بعض ظاهرهما فقط لأنه لا وجود للكعب في باطنهما ، فذكره يكون قرينة على إرادة الظاهر فحسب ، وكلمة الباء تقتضي حينئذٍ إرادة بعض ذلك الظاهر ، وبذلك نقيد صحيحة البزنطي لا محالة.
الثالث : أن عدة من الروايات دلتنا على أن من نسي مسح رأسه حتى دخل في الصلاة لم تجب عليه إعادة الوضوء من أوله ، بل إذا كانت في لحيته أو حاجبيه أو أشفار عينيه بلّة بقدر ما يمسح به رأسه ورجليه أخذ البلل من لحيته أو أشفار عينيه أو غيرهما ثم يصلي ، ومن جملتها موثقة مالك بن أعين (١) عن أبي عبد الله عليهالسلام قال « من نسي مسح رأسه ثم ذكر أنه لم يمسح رأسه ، فإن كان في لحيته بلل ، فليأخذ منه وليمسح رأسه ، وإن لم يكن في لحيته بلل فلينصرف وليعد الوضوء » (٢).
ومقتضى هذه الروايات كفاية المسمى في مسح الرجلين ، لقضاء العادة على أن البلل المتخلف في الحاجبين أو الأشفار أو اللحية لا يكون بمقدار يفي لمسح جميع ظاهر الرجلين ، فبهذا أيضاً نقيد إطلاق الصحيحة المتقدمة فلاحظ.
نعم ، قد يحتمل أن تكون هذه الروايات مختصة بمن نسي مسح رأسه فليكن المسمّى كافياً في حقه في مسح الرجلين ، ولا دلالة لها على كفاية المسمى في غير ناسي المسح. ويندفع بأن الأخبار المتقدمة وإن كانت واردة في خصوص ناسي المسح ، غير أن المستفاد منها أنه لا خصوصية للناسي في الحكم المذكور ، بل إنما هو يمسح بالمقدار الذي يعتبر في المسح لولا النسيان ، وذلك لقوله عليهالسلام في بعضها : « إن كان في لحيته بلل بقدر ما يمسح رأسه ورجليه ، فليفعل ذلك وليصل » (٣) فالمقدار الذي يعتبر مسحه في الوضوء مقدار واحد في كل من الناسي وغيره ، إلاّ أن الناسي له أن يأخذ
__________________
(١) موثقة بعثمان بن عيسى الواقفي.
(٢) الوسائل ١ : ٤٠٩ / أبواب الوضوء ب ٢١ ح ٧.
(٣) الوسائل ١ : ٤٠٨ / أبواب الوضوء ب ٢١ ح ٣ ، ضعيفة بالقاسم بن عروة.