بكفين إنما هو مسح ظاهر الرجل بإحداهما ومسح باطنها بالأُخرى ، وهذا موافق لمذهب المخالفين ومخالف للمذهب الحق عندنا ، فلا مناص من حمل الرواية على التقيّة وقتئذٍ ، وهذا بخلاف ما إذا كانت الرواية مشتملة على لفظة « بكفه » إذ لا موجب للحمل على التقيّة معه ، وهذا ظاهر. إذن فلا مناص من الفحص التام عن النسخ الصحيحة حتى يظهر أن الرواية مشتملة على أيتهما ، فإن ظهرت إحداهما فهو ، وإلاّ أصبحت الرواية مجملة وسقطت عن الاعتبار ، لجهالة أنها مشتملة على أية لفظة.
الثاني : أن مقتضى قانون الإطلاق والتقييد تقييد صحيحة البزنطي بمثل صحيحة زرارة وغيرها مما دلّ على أن الواجب إنما هو مسح بعض الرجلين لا تمامهما ، وحمل المسح في المجموع على الندب والاستحباب ، وذلك لأنّا قد أثبتنا بمقتضى الأخبار الواردة في المقام أن المراد بالكعب هو قبّة ظاهر القدم دون العظمين الناتئين عن يمين الساق وشماله. وقد أسلفنا أن المسح في الرجل لا بدّ أن ينتهي إلى الكعبين بحسب الطول ، ولا يكفي مسمّى المسح طولاً ، وعليه لا بدّ من أن يكون المراد بالأرجل في الآية المباركة خصوص ظاهر الرجلين ، لأن الظاهر هو المشتمل على الكعب دون الباطن بالخصوص ، ولا ما هو أعم من الظاهر والباطن ، حيث ليس في باطن الرجل كعب ينتهي إليه المسح المأمور به.
اللهمّ إلاّ أن يراد بالكعب في الباطن المحل المحاذي لقبة القدم في ظاهر الرجل ولكنه إضمار وتقدير ، ولا قرينة على ارتكابه بوجه ، فإذا أُريد بالرجل ظاهرها ودخلت عليه كلمة الباء فلا محالة تدلنا على إرادة بعض ظاهر الرجل ، فقوله عليهالسلام « فعرفنا حين وصلهما بالرأس أن المسح على بعضهما » أي على بعض ظاهر الرجلين ، ومعه تصبح الصحيحة كالصريحة في كفاية المسمى في مسح الرجلين بحسب العرض ، لعدم إمكان إرادة البعض بحسب الطول بمقتضى الأخبار المتقدمة الدالة على لزوم انتهاء المسح إلى الكعبين طولاً.
وبعبارة أُخرى : تارة تكون كلمة الباء داخلة على الرجلين من دون تقييدهما بشيء ، وتدل حينئذٍ على إرادة البعض منهما ، ومعه يمكن أن يقال إن ظاهرهما إرادة