أن كلمة الرِّجل موضوعة لنفس البشرة ، والشعر جسم خارجي قد ينبت على الرجلين وقد لا ينبت ، فالأمر بمسح الرجلين يقتضي وجوب مسح بشرتهما وعدم كفاية مسح الشعر عن مسحهما.
ومنهم من قال بكفاية مسح الشعر عن مسح البشرة ، لأنه معدود من توابعهما والأمر بمسحهما أمر بمسح التوابع لا محالة ، وأن إنكار ذلك مكابرة للوجدان وتكذيب لما أطبقت عليه كلمة العرف ، ومن هنا لو أمر السيد عبده بإمرار يده على ساقه أو ساعده أو غيرهما من أعضائه لم يخطر بباله إزالة شعرهما أوّلاً مقدمة للامتثال.
والماتن قدسسره لما لم يرجّح أحد الأمرين على الآخر توقف في المسألة واحتاط احتياطاً لزومياً بالجمع بين مسح كل من الشعر والبشرة ، هذا.
ولكن الاحتياط لا نرى له وجهاً في محل الكلام ، لأنه إنما يحسن فيما إذا دار الأمر بين وجوب مسح البشرة على نحو لا يجزئ عنه مسح شعرها ، ووجوب مسح الشعر على نحو لا يجزئ عنه مسح البشرة ، مع أن الأمر ليس كذلك ، لأن الشعر النابت على الرجلين إن كان خفيفاً بحيث لا يمنع عن رؤية البشرة كما هو الموجود في كل إنسان متعارف حيث ينبت الشعر على أصابعه بل وعلى كعبه وأطرافه من دون أن يمنع عن وقوع الابصار على بشرته ، فلا إشكال في جواز المسح عليه وإجزاء ذلك عن مسح البشرة نفسها ، لأن الشعر وإن كان جسماً خارجياً غير البشرة ، إلاّ أن الرجل لما لم تكن خالية عن الشعر المتعارف كما عرفت كان الأمر بمسحها أمراً بمسح شعرها المتعارف أيضاً على ما تقدّم تفصيله (١) عند التكلّم على مسح الرأس ، والمسح على مثل ذلك لو لم يكن مجزئاً عن المأمور به في مقام الامتثال للزم أن ينبه عليه في الكلام فعدم البيان في مثله دليل على كفاية المسح على الشعر لا محالة.
ودعوى أن الشعر قد لا ينبت على الرجل ويبقى موضع المسح خالياً عن الشعر ومعه لا يكون وجود الشعر على الرجل أمراً دائمياً بل ولا غالبياً ، مندفعة بأنها لو
__________________
(١) في ص ١٢٩.