وهناك مسألة ثالثة ، وهي ما إذا كان عدم التمكن من المسح بالباطن مستنداً إلى يبوسته وارتفاع الرطوبة عنه ولم يمكن نقلها إليه من سائر المواضع ، ولا بدّ حينئذٍ من الحكم ببطلان وضوئه ووجوب الإعادة في حقه فهذه مسائل ثلاث :
أمّا المسألة الثالثة : فالوجه فيها في الحكم بالبطلان ووجوب الإعادة ، هو أن عجز المكلف عن المسح ببلّة الباطن إنما يختص بهذا الفرد الذي أتى به ، والمفروض أنه يتمكن من المسح ببلّة الباطن في غيره من أفراد الوضوء ، لعدم عجزه عن تحصيل ذلك في الطبيعي المأمور به ، ومعه لا بدّ من الحكم ببطلان الفرد المأتي به ووجوب الإعادة في ضمن فرد آخر لا محالة.
وأمّا المسألة الأُولى ، فالحق فيها هو الذي حكم به الماتن قدسسره وجعله في المدارك مقطوعاً به ، وذلك لا لأجل قاعدة الميسور التي ناقشنا في سندها ودلالتها في محله ، ولا لدعوى التسالم على جريان القاعدة في خصوص المقام ، لأن دون إثبات ذلك خرط القتاد ، ولا لأصالة الاحتياط ، لما مر غير مرة من أن الأصل عند الشك في اعتبار شيء زائد في الوضوء إنما هو البراءة دون الاحتياط ، بل الوجه في ذلك أن الحكم بوجوب كون المسح بباطن الكف لم يرد في شيء من الأخبار المتقدمة ، بل إن مقتضى إطلاق الآية المباركة والروايات عدم اعتبار كون المسح بالكف ، وإنما قلنا باعتباره من جهة ما استفدناه من الأخبار الواردة في الوضوءات البيانية ، وحاصل ذلك :
أن الرواة لم ينقلوا في رواياتهم خصوصية مسح الامام عليهالسلام وأنه كان يمسح بغير باطن الكف ، مع أنهم عليهمالسلام لو كانوا مسحوا بظاهر الكف لوجب على الرواة ونقلة الآثار أن ينقلوا تلك الخصوصية ، لأنها خصوصية زائدة غير متعارفة ، ومثلها يحتاج إلى عناية لا محالة ، ونقل ذلك أمر لازم على الرواة ، فمن سكوتهم عن نقل تلك الخصوصية يستكشف أن مسحهم عليهمالسلام قد كان على النحو المتعارف الدارج عندنا ، وهو المسح بباطن الكف ، والأمر المتعارف العادي لا يحتاج إلى النقل.