وإمّا أنه غير مانع عن المسح الواجب ، كما إذا لم يتم شيء من الوجوه المستدل بها على وجوب المسح بالماء الجديد ، وقلنا بوجوب المسح مطلقاً ولو باليد اليابسة ، وذلك لأنه لم يدلّنا أيّ دليل على وجوب كون المسح باليد اليابسة بحيث لو مسح بيده وهي متعرِّقة مثلاً أو مبتلّة بالماء الخارجي بطل مسحه ، فإن الأخبار البيانية التي منعت عن المسح بالماء الجديد بقوله عليهالسلام « ولم يعدهما في الإناء » (١) ونحو ذلك ، فإنما تختص بما إذا كانت اليد مبتلة ببلّة الوضوء ، إذ المستفاد من الروايات المتقدمة على اختلاف في متنها أنه عليهالسلام إنما لم يعد يديه في الإناء لكونهما مبتلتين ببلّة الوضوء ، وقد عرفت أنه مع التمكن منها لا يجوز المسح بالماء الجديد ، ولا دلالة في الروايات المذكورة على أن اليد إذا لم تكن مبتلة ببلّة الوضوء وجب أن يمسح باليد اليابسة ، بحيث لو مسح بيده وهي رطبة بطل مسحه ، بل لا مانع عن المسح باليد حينئذٍ ولو كانت مبتلة بالماء الجديد أو بغيره من المياه المضافة ، فإن اللازم وقتئذٍ إنما هو مطلق المسح باليد سواء أكانت رطبة أم يابسة ، وعليه فهذا الاحتمال ساقط والأمر يدور بين وجوب المسح بالماء الجديد ووجوب التيمم في حقه.
وأمّا الجهة الثانية : فقد استدل للمشهور بوجوه :
الأوّل وهو العمدة : قاعدة الميسور ، بتقريب أن الواجب في المسح المأمور به في الوضوء أن يكون المسح بالبلة المقيدة بكونها بلّة الوضوء ، وحيث إن تلك الخصوصية متعذرة فلا محالة يسقط التقييد ويجب المسح بمطلق البلّة ولو كانت بلّة خارجية ، لأن المسح بالبلة الخارجية ميسور البلّة المقيدة بكونها من بلّة الوضوء ، ولا يسقط الميسور بالمعسور أبداً.
ويندفع بالمنع عن كل من الكبرى والصغرى المذكورتين. أما الكبرى فلما ذكرناه في محلِّه من أن تلك القاعدة مضافاً إلى ضعف مدركها ، لأنه نبوي وعلوي وكلاهما ضعيف ، أن إخبارها قاصرة الدلالة على أن المركّب إذا تعذّر شرط أو جزء منه
__________________
(١) الوسائل ١ : ٣٩٠ / أبواب الوضوء ب ١٥ ح ٦ ، ١٠.