الخارجي أو المسح باليد اليابسة.
هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب الاستدلال بالإطلاق في محل الكلام ، ومع هذا كلّه يمكن المناقشة فيه من وجهين :
أحدهما : أن المسح المأمور به في الآية المباركة يحتمل أن يكون بالمعنى الأوّل من المعنيين المتقدمين للمسح أعني إزالة الأثر ، على ما أشرنا إليه (١) عند التكلّم على دلالة الآية المباركة على التبعيض ، حيث احتملنا أن يكون إدخال كلمة الباء في أثناء الكلام مع تماميته بغيرها من جهة إرادة كون اليد ممسوحة والرأس والرجلين ماسحاً.
وهذا لا بمعنى إسكان اليد وإمرار الرأس أو الرجل بها ، لما عرفت من أن المعنى الأوّل للمسح لا يعتبر فيه إمرار الممسوح على الماسح ولا إمرار الماسح على الممسوح فإنه أمر يتأتى بكل منهما ، بل بمعنى إزالة الأثر الموجود في اليد بمسح الرأس أو الرجلين ، ومعناه أن الرأس أو الرجلين قد أزال الأثر عن اليد.
وعليه فقد فرض في الآية المباركة وجود أثر في اليد حتى يزيله الرأس أو الرجل وليس ذلك إلاّ البلل ورطوبة الوضوء ، فلا إطلاق في الآية المباركة حتى يدلنا على كفاية المسح باليد اليابسة أو بالماء الخارجي.
ثم إن ما ذكرناه في المقام لا ينافي ما قدّمناه (٢) من أن المسح المأمور به في الوضوء ليس بمعنى إزالة الأثر بل بمعنى الإمرار ، وذلك لأنه إنما كان كذلك بالنظر إلى دلالة الأخبار وهو غير مدلول الآية المباركة ، فالآية دلت على أن اليد لا بدّ أن تكون مبتلة ببلّة الوضوء والأخبار دلت على إمرار اليد على الرأس والرجلين ، فاذا ضممنا أحدهما إلى الآخر فيكون حاصل مدلولهما أن الوضوء يعتبر فيه أن تكون اليد مبتلة ببلّة الوضوء ، وأن تكون اليد المبتلة مارة على الرأس والرجلين دون العكس.
وثانيهما : أنّا لو سلمنا إطلاق الآية المباركة والروايات فلا نسلم اختصاص الأدلة
__________________
(١) في ص ١٩٢.
(٢) في ص ١٩٢.