مدخلية القيد المذكور في صحّته ، لأنهما أمران محبوبان سواء أكانتا في يوم الجمعة أو في غيره وسواء وقعتا في المسجد أو في مكان آخر ، فالمأمور به منطبق على القراءة أو الصلاة المتقيّدتين ، وأمّا قصده أن لا يمتثل على تقدير عدم كون المكان مسجداً فهو غير مانع من انطباق المأمور به على المأتي به في الخارج ، فاذا فرضنا أن المكلف قد أتى بالمأمور به بما له من القيود والشروط لم يكن أي موجب للحكم ببطلانه وعدم صحّته.
وأمّا إذا كان المأمور به طبيعة خاصة غير منطبقة على الطبيعة المأتي بها في الخارج لتغايرهما وتعدّدهما ، فلا مناص من أن يحكم ببطلانه وعدم فراغ ذمة المكلف عما هو الواجب في حقه في مقام الامتثال ، اللهمّ إلاّ أن يدلّنا دليل على كفايته وجواز الاجتزاء به نظير ما دلّ على كفاية غسل الجمعة عن غسل الجنابة لدلالته على جواز الاكتفاء به عن غسل الجنابة ، وإلاّ فمقتضى القاعدة هو البطلان.
فاذا أتى بصلاة العصر باعتقاد أنه أتى بصلاة الظهر قبلها بحيث لو كان عالماً بعدم إتيانه بالظهر لم يأت بصلاة العصر جزماً بل كان يأتي بصلاة الظهر ، أو أنه أتى بصلاة الفجر قضاءً معتقداً بإتيانه لها أداءً في وقتها ، كما إذا جرت عادته على الإتيان بصلاة الفجر قضاءً بعد الإتيان بها أداءً بحيث لو كان عالماً بعدم إتيانها أداءً لقصد بما أتى به الأداء دون القضاء ، أو أنه أتى بصلاة الظهر باعتقاد أنه لم يأت بها قبل ذلك ، ففي جميع هذه الصور لا بدّ من الحكم ببطلان الصلاة المأتي بها بحسب القاعدة ، فلا يقع ما أتى به عصراً كما أنها لا تحتسب ظهراً في الصورة الأُولى ، ولا صلاة فجر قضائية ولا أدائية في الصورة الثانية ، ولا يحتسب ما أتى به عصراً في الصورة الثالثة ، بل لا بدّ من الحكم بفساد ما أتى به من الصلاة مع قطع النظر عن النص الوارد في الصورة الأُولى ، حيث دلّ على احتسابها ظهراً ، لأنه أربع مكان أربع (١).
إلاّ أن الكلام فيما تقتضيه القاعدة وقد عرفت أنها تقتضي البطلان ، وذلك لتغاير
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٢٩٠ / أبواب المواقيت ب ٦٣ ح ١.