الأجزاء المتقدمة ، بل له أن يمسح جميع أجزاء الرجل دفعة واحدة كما أشار إليه الماتن قدسسره والدليل على ذلك إطلاق الآية المباركة والأخبار ، لعدم تقييدهما المسح بالتدريج ، ولا معارض لاطلاقهما غير صحيحة البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال : « سألته عن المسح على القدمين كيف هو؟ فوضع كفه على الأصابع فمسحها إلى الكعبين إلى ظاهر القدم ، فقلت : جعلت فداك لو أن رجلاً قال بإصبعين من أصابعه هكذا ، قال : لا ، إلاّ بكفيه ( بكفه ) كلها » (١) لأنها ظاهرة في لزوم التدرج في المسح ، إلاّ أنها غير صالحة لتقييد المطلقات ولا دلالة لها على الوجوب ، بل لا بدّ من حملها على الاستحباب وأفضل الأفراد لوجهين :
أحدهما : أن الصحيحة بقرينة قول السائل في ذيلها لو أن رجلاً قال بإصبعين ... ناظرة إلى بيان مقدار الممسوح ، وأنه لا بدّ من أن يكون بمقدار الكف عرضاً ولا نظر لها إلى البدأة والانتهاء.
وثانيهما : أنها ظاهرة في وجوب كون المسح من الأصابع إلى الكعبين ، مع أن النكس جائز في المسح بلا كلام ، لما مرّ من أن الأمر موسع في مسح الرجلين فيجوز مسحهما مقبلاً كما يجوز مدبراً ، ومعه لا بدّ من حملها على الاستحباب وبيان أفضل الأفراد ، ولا يمكن العمل بظاهرها من وجوب كون المسح من الأصابع إلى الكعبين متدرجاً ، فالصحيحة غير صالحة لأن يقيد بها المطلقات.
هذه غاية ما يمكن أن يقال في تقريب ما ذهب إليه الماتن قدسسره إلاّ أن الاحتياط يقتضي أن يكون المسح متدرجاً لظهور الصحيحة في ذلك.
وأمّا ما ذكر من الوجهين في عدم دلالتها على الوجوب فيرد على أوّلهما : أن ظاهر الصحيحة أنها في مقام بيان الكيفية المعتبرة في المسح من جميع الجهات ، ويدلُّ عليه قول السائل سألته عن المسح ... كيف هو؟ أي من جميع الجهات ، وأما قوله في ذيلها : لو أن رجلاً قال بإصبعين ... فهو سؤال من جهة أُخرى ، ولا يكون ذلك قرينة على
__________________
(١) الوسائل ١ : ٤١٧ / أبواب الوضوء ب ٢٤ ح ٤.