ولا يقاس محل الكلام بما إذا اضطر إلى لبس الحرير لبرد أو غير برد ، حيث إنه مع سقوط الحرمة النفسية في لبس الحرير بالاضطرار لا يمكنه لبسه في الصلاة ، بل يجب عليه إيقاع الصلاة في غير الحرير لعدم سقوط المانعية عن لبس الحرير بسقوط حرمته النفسية ، وذلك لأن المانعية في لبس الحرير لم ينشأ عن حرمة لبسه النفسية وإنما هي منتزعة عن النهي عن الصلاة في الحرير وهذا باق بحاله ، وهذا بخلاف المقام فإن المانعية إنما نشأت عن النهي النفسي ومع سقوطه بالتقية والاضطرار ترتفع المانعية المنتزعة عنه بالتبعية لا محالة.
الأمر الثاني : أن محل الكلام ومورد النقض والإبرام إنما هو ما إذا كان لدليل كل من الجزئية والشرطية والمانعية إطلاق أو عموم يشمل حال الاضطرار إلى تركها وأما إذا لم يكن كذلك كما إذا ثبتت الأُمور المذكورة بإجماع أو سيرة أو بدليل لفظي لا إطلاق ولا عموم له فهو خارج عن محل النزاع ، وذلك لأن الواجب إذا كان لدليله عموم أو إطلاق يتمسك بإطلاقه أو عمومه ، وبه يثبت عدم جزئية الشيء أو شرطيته أو مانعيته للواجب حال الاضطرار إليه ، وإذا فرضنا عدم الإطلاق أو العموم لدليل الواجب يتمسك بأصالة البراءة في نفي الجزئية والشرطية والمانعية في حال الاضطرار ، فمورد الكلام ومحل النقض والإبرام منحصر بما إذا كان لأدلة التكاليف الغيرية عموم أو إطلاق يشمل كلتا حالتي التمكن والاضطرار. إذا عرفت ذلك فنقول :
قد يقال بأن التقيّة والاضطرار كما أنهما يرفعان التكاليف النفسية من الحرمة والوجوب كذلك يرفعان التكاليف الغيرية من الشرطية والجزئية والمانعية ، ويستدل على ذلك بوجوه :
وجوه الاستدلال في محل الكلام :
الأوّل : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم « رفع عن أُمّتي تسعة ... » حيث إنه يقتضي ارتفاع الشرطية أو الجزئية بالاضطرار إلى تركهما كما يقتضي ارتفاع المانعية للاضطرار إلى الإتيان بها ، وبذلك يثبت أن العمل غير مشترط بما تعلّق به الاضطرار