ترتّب الحكم على موضوعه لولا التقيّة يرتفع عنه عند التقيّة والاضطرار ، فيكون المكلف في سعة من ناحيته ، وهذا المعنى غير متحقق عند ترك الجزء أو الشرط أو الإتيان بالمانع ، وذلك لأنه لا يترتب على تلك التكاليف الغيرية أيّ ضيق حتى يتبدل إلى السعة للتقية والاضطرار.
أمّا بطلان العمل بتركها أو بإتيانها ، فلأن البطلان كالصحة أمران واقعيان خارجان عن اختيار الشارع وتصرفاته وليس له رفعهما ولا وضعهما ، فان البطلان عبارة عن مخالفة المأتي به للمأمور به كما أن الصحة عبارة عن موافقة المأتي به للمأمور به.
وأمّا وجوب الإعادة أو القضاء بترك الإتيان بالجزء أو الشرط أو بالإتيان بالمانع فلأن الإعادة غير مترتبة على الإتيان بالعمل الفاسد ، بل موضوع الإعادة عدم الإتيان بالمأمور به ، لأن الأمر بالإعادة هو بعينه الأمر بالإتيان بالمأمور به وامتثاله كما أن القضاء كذلك فإنه مترتب على فوات الواجب وغير مترتب على الإتيان بالعمل الفاسد ، وعليه فلا ضيق على المكلف في مخالفة التكاليف الغيرية حتى يرتفع عنه بالتقية ويكون المكلف في سعة من جهته ، وينتج ذلك وجوب الإتيان بالعمل الفاقد لجزئه أو لشرطه أو الواجد لمانعه.
وممّا يوضح ذلك بل يدل عليه : ملاحظة غير العبادات من المعاملات بالمعنى الأعم ، فإنه إذا اضطر أحد إلى غسل ثوبه المتنجس بالبول مرة واحدة ولم يتمكن من غسله مرتين ، أو لم يتمكن من غسله بالماء فغسله بغير الماء ، أو لم يتمكن من طلاق زوجته عند عدلين فطلقها عند فاسقين اضطراراً ، لم يمكن أن يحكم بحصول الطهارة للثوب أو بوقوع الطلاق على الزوجة بدعوى أنه أمر قد صدر عن تقيّة أو اضطرار فهذا أقوى شاهد ودليل على عدم ارتفاع الشرطية أو الجزئية أو المانعية في حال الاضطرار والتقيّة. إذن لا يكون العمل الفاقد لشيء من ذلك ، أي من الجزء أو الشرط مجزياً في مقام الامتثال.
ومن هنا يظهر أن قياس محل الكلام بما ورد من أن الناس في سعة ما لم يعلموا (١)
__________________
(١) المستدرك ١٨ : ٢٠ / ٤.