أو على مسح الخفّين إلاّ أنه من الندرة بمكان ولا كلام حينئذٍ في مشروعية التقيّة ، فإن الرواية المانعة ناظرة إلى ما هو الغالب. ولعلّ الشيخ قدسسره لم يلفت نظره الشريف إلى ملاحظة استثناء شرب المسكر ، لتوجهه إلى استثناء مسح الخفّين ، ومن هنا حمل الرواية على غير المعنى الذي ذكرناه ، والله العالم بحقيقة الحال ، فعلى ما بيّناه الرواية أجنبية عما نحن بصدده.
ومنها : موثقة سماعة قال « سألته عن رجل كان يصلي فخرج الامام وقد صلّى الرجل ركعة من صلاة فريضة قال : إن كان إماماً عدلاً فليصل اخرى وينصرف ويجعلهما تطوعاً وليدخل مع الإمام في صلاته كما هو ، وإن لم يكن إمام عدل فليبن على صلاته كما هو ، ويصلي ركعة أُخرى ويجلس قدر ما يقول : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، ثم ليتم صلاته معه على ما استطاع ، فإن التقيّة واسعة ، وليس شيء من التقيّة إلاّ وصاحبها مأجور عليها إن شاء الله » (١).
أمّا الجملة الاولى أعني قوله : « إن كان الامام عدلاً » فمضمونها هو ما دلّ عليه غيرها من الأخبار ، من أن من دخل في الفريضة ثم أُقيمت الجماعة استحب له أن يجعل ما بيده من الفريضة تطوعاً ويسلّم في الركعة الثانية حتى يدرك ثواب الجماعة بائتمامه من أول الصلاة.
وأمّا الجملة الثانية أعني قوله : « وإن لم يكن إمام عادل » فقد حملها شيخنا الأنصاري قدسسره على ما قدّمناه في الجملة الاولى من أنه يجعل ما بيده من الفريضة تطوعاً ويسلم في الثانية ويأتم بالإمام ويأتي من أجزاء الصلاة وشرائطها على ما استطاع ، فان تمكن من أن يأتي بتمامهما مع الامام فهو ، وإن لم يستطع إلاّ من بعضهما فيكتفي بالبعض لأن التقيّة واسعة (٢).
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٤٠٥ / أبواب صلاة الجماعة ب ٥٦ ح ٢.
(٢) رسالة في التقيّة : ٣٢٤ السطر ٢.