تعرضه لما ذكرناه آنفاً وبنائه على أن المحرّم إذا كان مصداقاً للواجب على نحو التركيب الاتحادي استحال أن يتعلّق به الوجوب ، لأن المبغوض والحرام لا يكونان مقرّبين ومصداقين للواجب والمحبوب ، التزم في المقام بعدم بطلان الوضوء من الماء المغصوب عند الجهل بحرمته أو بموضوعه ، واحتمال أنه مستند إلى الإجماع المدعى بعيد للقطع بعدم كونه تعبدياً ، ولعله من جهة الغفلة عن تطبيق الكبرى المذكورة على موردها هذا كلّه في الجهل بالحرمة.
وأمّا ناسي الحرمة أو الغصبية فالصحيح صحة عمله ، وذلك لأن النسيان يوجب سقوط الحرمة عن الناسي واقعاً وليس ارتفاعها ظاهرياً في حقه كما في الجاهل ، لأنّا قد ذكرنا أن الرفع في حديث الرفع بالإضافة إلى ما لا يعلمون رفع ظاهري ، وبالإضافة إلى النسيان والاضطرار وأخواتهما رفع واقعي ، وإذا سقطت الحرمة الواقعية في حق المكلف فلا يبقى أيّ مانع من أن يشمله إطلاق دليل الواجب ، لأنه عمل مرخص فيه بحسب الواقع فلا محذور في شمول الإطلاق له كما أنه صالح للتقرّب به.
وأمّا ما عن شيخنا المحقق النائيني قدسسره من أن المرتفع عن المضطر والناسي ونحوهما هو الحرمة دون ملاكها أعني المبغوضية ، ومع كون العمل مبغوضاً واقعاً لا يمكن التقرّب به ، لأن المبعّد والمبغوض لا يصلح أن يكون مقرباً ومحبوباً كما قدمناه في الجاهل المقصِّر ، فقد ظهر الجواب عنه بما سردناه في صورة الاضطرار إلى ارتكاب الحرام ، حيث قلنا إن المبغوضية والملاك وإن كانا باقيين في كلتا صورتي الاضطرار والنسيان وأمثالهما كما يقتضيه ظاهر إسناد الرفع إليهما ، لأنه إنما يصح فيما إذا كان هناك مقتض وملاك حتى يصح أن يقال إن أثره ومقتضاه مرفوع عن المضطر والناسي ونحوهما ، إلاّ أنهما غير مؤثرين في الحرمة كما هو المفروض ، لعدم حرمة العمل بحسب الواقع ، ولا أنهما مانعان عن ترخيص الشارع في ذلك العمل كما هو الحال في الناسي والمضطر وغيرهما ، والمقتضي والملاك اللّذان لا يؤثران في الحرمة ولا أنهما يمنعان عن ترخيص الشارع في ذلك العمل غير مانع عن المقرّبية وعن صحّة التقرّب به.