مالية له ، أو لا يثبت حق اختصاص للمالك فيه ، وذلك كما إذا كسر جرّة غيره وحكم عليه بضمان قيمتها ، فهل المواد الخزفية الباقية بعد الكسر التي لا مالية لها بوجه ترجع إلى مالك الجرة لحق الاختصاص أو لا ترجع إليه؟ أو إذا أتلف خلاًّ لغيره كما إذا جعله خمراً مثلاً ، فهل لمالك الخل حق الاختصاص بها ، فيصح له منع الغير عن الانتفاع بها في مثل التداوي ونحوه من الانتفاعات المحللة ، فيجوز له خاصّة أن ينتفع منها بتلك الانتفاعات المحلّلة دون غيره إلاّ برضاه أو لا يثبت له حق الاختصاص بها؟
حكم شيخنا الأنصاري قدسسره أن الحكم بوجوب ردّ العوض من المثل أو القيمة في تلك الموارد إنما هو غرامة وليس من باب المعاوضة في شيء ، وعلى ذلك ترجع المواد والأجزاء الباقية من المال التالف إلى مالك المال وإن لم يكن لها أية مالية وقيمة عند العقلاء ، وذلك لحق الاختصاص.
وقد ذكرنا نحن في محلِّه أن مقتضى السيرة وبناء العقلاء عدم ثبوت حق الاختصاص للمالك في تلك الموارد ، لأن رد البدل عندهم معاوضة قهرية حينئذٍ وبتلك المعاوضة تنتقل الأجزاء الباقية والمواد إلى الضامن دون المالك ، وليس في ذلك حق الاختصاص بها ، وعليه فلو طالب مالك الماء المتوضئ بالرطوبة الباقية على يديه لالصاق ورقة بأُخرى بتلك الرطوبة مثلاً ، لم يجب سماعه ، بل للمتوضئ أن يمسح بها لانتقالها إليه بالمعاوضة القهرية ورد البدل ، ومعه لا وجه للاستشكال في جواز المسح بالرطوبة المذكورة عند مطالبة المالك بها لغاية الانتفاع منها على الوجه الحلال. وعلى الجملة لا بدّ أن يكون الماء مباحاً في الوضوء.
ثمّ إنّ الإباحة قد تستند إلى كون الماء من المباحات الأصلية التي لا مالك لها شرعاً ، وقد تستند إلى كونه ملكاً للمتوضئ بعنوانه وتشخصه ، وثالثة تستند إلى كونه ملكاً لجهة عامة أو خاصة تشمل المتوضئ كما في الأوقاف العامة أو الخاصة فيما إذا كان المتوضئ من الموقوف عليهم ، ورابعة تستند إلى كون منفعة الماء مملوكة للمتوضئ كما في موارد الإجارة.