الفعل ومبغوضيته واقعاً ، ومع انتفاء الحرمة لا وجه للبطلان.
نعم ، يبقى الكلام حينئذٍ في أنه إذا التفت إلى خصوصية الوقف بعد الوضوء ، أو علم بخطإ اعتقاده ثم عرض له التمكن بعد ذلك فهل يجب عليه أن يصلي في ذلك المسجد حتى يندرج بذلك في عنوان الموقوف عليهم؟
ذكر في المتن أنه هو الأحوط ، بل لا يترك في صورة التوضؤ بقصد الصلاة فيه والتمكّن منها ، ولا نرى نحن وجهاً صحيحاً لإيجاب الصلاة عليه في المسجد في مفروض الكلام ، وذلك لأن ما يوجب بطلان الوضوء إنما هو أحد أمرين إما الحرمة المتنجزة وإما الحرمة الواقعية على الخلاف فيها بيننا وبين الأصحاب قدسسرهم ولا تحقق لشيء منهما في المقام ، ومعه يقع الوضوء محكوماً بالصحة لا محالة ، فلا وجه للحكم بوجوب الصلاة في ذلك المسجد ، لأن الوضوء من حوض المسجد قد حكم بصحّته سواء اندرج المتوضئ في الموقوف عليهم أم لم يندرج ، فله أن يصلِّي في أي مكان شاءه.
تنبيه وهو : أن صحّة الوضوء في الصورة الثالثة من جهة عدم فعلية الحرمة في حق المكلف لا تستلزم الحكم بعدم ضمانه الماء فيما إذا كانت للماء الذي توضأ به مالية لدى العرف ، كما إذا توضأ خارج الحوض وصرف مقداراً له مالية عند العقلاء ، وذلك لأنه إتلاف لمال الموقوف عليهم فيوجب الضمان وإن قلنا بصحّة وضوئه.
وعلى الجملة لا ملازمة بين الحكمين بوجه فربما نحكم بصحّة وضوئه وضمانه كما في المثال. وقد نحكم بصحة وضوئه من دون أن نحكم بالضمان ، كما إذا توضأ غفلة من الماء في الحوض من دون أن يصبه على الأرض بحيث لم يتلف من الماء إلاّ بمقدار الرطوبة الباقية على أعضائه وهي مما لا مالية له. وثالثة نحكم بالضمان ولا نحكم بصحة الوضوء ، كما إذا توضأ من الماء في إحدى الصورتين الأُوليين وصرف من الماء مقداراً له مالية عند العقلاء.