حكم بصحته في المتن واحتاط بإعادته إذا لم يترتب عليه الضرر ، كما احتاط بالتيمم فيما إذا استلزم الضرر ، وقد تعرض الماتن قدسسره لهذه المسألة بعينها في مبحث التيمم وجزم بالصحة هناك من غير أن يحتاط بشيء.
والصحيح في المسألة التفصيل : وذلك لأن الضرر المترتب على الوضوء قد لا يكون أمراً مبغوضاً لدى الشرع ، وقد يكون مبغوضاً شرعياً على نحو لا يرضى الشارع بتحققه في الخارج بوجه.
أمّا إذا لم يكن الضرر مبغوضاً عند الشارع كما إذا ترتب على وضوئه سرقة مال له ، فلا مناص من الحكم بصحة الوضوء حينئذٍ ، وذلك لأنه أمر مباح في الواقع على الفرض ، ولا يشمله حديث نفي الضرر ، لأنه قاعدة امتنانية ولا امتنان في الحكم ببطلان الوضوء الصادر عن الجاهل بترتب الضرر غير المحرم عليه. إذن فلا مانع من أن ينطبق المأمور به على الوضوء المأتي به في الخارج ، لأنه مصداقه ومحققه فيحكم بصحّته.
بل يمكن أن يقال : إن في نفس الأخبار الواردة في التيمم إشعاراً بصحة الوضوء عند الجهل بضرره ، فان الظاهر من تلك الروايات أن موضوع وجوب التيمم إنما هو خوف الضرر ولكن لا على وجه الموضوعية بل على وجه الطريقية إلى الضرر الواقعي أعني به الضرر الواصل للمكلف ، ومع الجهل به وعدم خوفه منه لا يكون الضرر واصلاً للمكلف فلا ينتقل فرضه إلى التيمم ، فلا بدّ من الحكم بصحة وضوئه.
وإذا كان الضرر المترتّب على الوضوء محرماً ومما لا يرضى الشارع بوجوده في الخارج ، كما إذا ترتّب على الوضوء قتل النفس المحترمة أو ما يشاكل ذلك مما لا يرضى به الشارع ، فلا بدّ من الحكم بالبطلان ، لأن الوضوء وقتئذٍ محرم وكيف يعقل أن يكون المحرم مصداقاً للواجب ، والجهل بحرمته لا يقلب الحرام إلى الجائز أو الوجوب.
وعلى الجملة : إن المسألة من صغريات الكبرى المتقدمة (١) في التوضؤ بالماء المغصوب جاهلاً بمغصوبيته ، وقد مر أن الصحيح وقتئذٍ هو الحكم بالبطلان.
__________________
(١) في ص ٣١٨.