حكمهم في المسألة إن كان منحصراً بالإجماع فهو وإن أمكن الاستدلال به نظراً إلى أنه إجماع تعبدي كاشف عن رضى المعصوم عليهالسلام إلاّ أن الوجه متعدد في المقام ولا ينحصر المستند بذلك ، ومعه يحتمل أن يكون المستند لهم في ذلك قاعدة الميسور أو غيرها من الوجوه المستدل بها في المقام ، ومع هذا الاحتمال لا يكون الإجماع تعبدياً كاشفاً عن رأي المعصوم عليهالسلام بوجه.
الثالث : ما رواه الشيخ قدسسره بطرق متعددة عن أبي عبد الله عليهالسلام في حديث أنه كان وجعاً شديد الوجع فأصابته جنابة وهو في مكان بارد قال : فدعوت الغلمة فقلت لهم ، احملوني فاغسلوني فحملوني ووضعوني على خشبات ، ثم صبوا عليَّ الماء فغسلوني (١) حيث دلّ على أن من عجز عن الغسل بالمباشرة ينتقل فرضه إلى الغسل بالتسبيب أي بالاستعانة بغيره حتى يغسله.
وما رواه الكليني بإسناده عن أبي عبد الله عليهالسلام قال « قيل له : إن فلاناً أصابته جنابة وهو مجدور فغسلوه فمات ، فقال : قتلوه ألا سألوا؟ ألا يمموه؟ إن شفاء العي السؤال » (٢) وغيرها من الأخبار الواردة بهذا المضمون ، لدلالتها على أن من عجز عن المباشرة بالتيمّم يجب أن يستعين بفعل الغير حتى ييمِّمه.
والاستدلال بهذه الأخبار إنما يفيد فيما إذا انضم إليه القطع بعدم الفرق في ذلك بين الغسل والتيمّم وبين الوضوء ، وأن فرض من عجز عن المباشرة لغسله وتيمّمه إذا كان هو الاستعانة والاستنابة لتغسيله وتيمّمه فلا بدّ أن يكون الأمر كذلك في الوضوء أيضاً ، حيث إنه لولا دعوى القطع بعدم الفرق يمكن أن يقال إن الحكم بما أنه على خلاف القاعدة لأنها تقتضي انتقال الأمر إلى التيمم ، فلا يمكن أن نتعدى عن مورد النص إلى سواه.
الرابع : أن دليل اعتبار المباشرة وشرطيتها في الواجبات ليس دليلاً لفظياً حتى
__________________
(١) الوسائل ١ : ٤٧٨ / أبواب الوضوء ب ٤٨ ح ١ ، التهذيب ١ : ١٩٨ / ٥٧٥ ، الاستبصار ١ : ١٦٢ / ٥٦٣.
(٢) الوسائل ٣ : ٣٤٦ / أبواب التيمم ب ٥ ح ١ ، الكافي ٣ : ٦٨ / ٥.