أنّ المقدار الواجب غسله إنما هو ما تشتمل عليه الإصبعان على وجه الدائرة الهندسية ، بأن توضع إحداهما على القصاص والأُخرى على الذقن من دون أن يتحرك وسطهما ، بل يدار كل من الإصبعين على الوجه أحدهما من طرف الفوق إلى الأسفل وثانيهما من الأسفل إلى الفوق ، وبهذا تتشكل شبه الدائرة الحقيقية وتخرج النزعتان عن المحدود الواجب الغسل ، لأن الإصبع الموضوع على القصاص ينزل إلى الأسفل شيئاً فشيئاً ، والنزعتان تقعان فوق ذلك ، ويكون ما زاد عليه خارجاً عن المحدود كما تخرج الصدغان (١).
وإنّما عبّر قدسسره بشبه الدائرة ، مع أن المتشكل من إدارة الإصبعين مع إثبات الوسط هو الدائرة الحقيقية لا ما يشبهها ، من جهة أن الوجه غير مسطح ، فلو كان مسطحاً لكان الأمر كما ذكرناه وتشكلت من إدارة الإصبعين دائرة حقيقية ، ولعل الذي أوقعه في هذا التفسير الهندسي هو كلمتا « دارت » و« مستديرا » فحسب من ذلك أن المراد بهما هو الدائرة ، وهي إنما تتشكل بما تقدم من وضع إحدى الإصبعين على القصاص ، والأُخرى على الذقن وإدارة إحداهما من الأعلى إلى الأسفل ، وإدارة الأُخرى من الأسفل إلى الأعلى ، هذا.
الجواب عن مناقشة البهائي ( قدسسره ):
والصحيح هو ما ذكره المشهور ، ولا يرد عليه ما أورده البهائي قدسسره وذلك لأن القصاص إن أخذناه بمعنى منتهى منبت الشعر مطلقاً ولو كان محاذياً للجبينين أعني منتهى منابت الشعر في النزعتين فهو وإن كان يشمل النزعتين لا محالة ، إلاّ أن الظاهر المتفاهم منه عرفاً هو خصوص منتهى منبت الشعر من مقدم الرأس المتصل بالجبين ، ومن الواضح أن وضع الإصبعين من القصاص بهذا المعنى غير موجب لدخول النزعتين في الوجه ، لأنهما تبقيان فوق المحدود الذي يجب غسله من الوجه.
__________________
(١) حبل المتين : ١٤.