واحتمال أن يكون ذلك معتبراً في مقام الامتثال وإن لم يعتبر في المأمور به ، مندفع بأن احتمال مدخلية أحد الأمرين في الامتثال عقلاً مما لا وجه له ، لأنه لا حكم للعقل باعتبار ذلك في مقام الامتثال بعد ما عرفت من عدم تقييد المأمور به بذلك في شيء من أدلّته ، كما أن احتمال مدخليته في الامتثال شرعاً مندفع بإطلاقات الأدلة. إذن الصحيح عدم اعتبار شيء من ذلك في صحته ، هذا.
على أن ما استدلّ به على لزوم قصد الرفع أو الاستباحة ضعيف غايته ، لأن العمدة فيما استدلوا به على ذلك قوله عليهالسلام « إذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة » (١) بدعوى أن متعلق الوجوب إنما هو عنوان الطهور ، فلا بدّ في مقام امتثاله من قصد ما تعلق به بعنوانه الذي تعلق به الأمر بذلك العنوان وهو عنوان الطهور كما هو الحال في غير المقام ، كما إذا أمر السيد عبده بإكرام زيد مثلاً فقام العبد إكراماً له فلا بدّ من أن يقصد في قيامه ذلك عنوان الإكرام لزيد ، فلو قام لا بقصد إكرامه لم يقع فعله ذلك امتثالاً لأمر السيد بوجه ، لأنه لم يؤمر بالقيام وإنما تعلق الأمر بعنوان الإكرام فلا مناص من قصده.
وفي المقام لم يتعلق الوجوب بالوضوء ليقال إنه عبارة عن الغسلتين والمسحتين فلا موجب لاعتبار قصد عنوان آخر غير الغسلتين والمسحتين ، بل إنما تعلق الأمر بالطهور فلا بدّ من قصد عنوان الطهور في مقام الامتثال ، والطهور إما بمعنى ما يرفع الحدث أو بمعنى المبيح للدخول في الصلاة ، فلا مناص من أن يقصد أحد الأمرين عند الامتثال ، هذا.
ولا يخفى ضعفه ، لأن الطهور إن أُريد به معناه بحسب الاشتقاق أي ما يتطهّر به وهو الماء والتراب ، فمعنى الرواية أنه إذا دخل الوقت فقد وجبت الصلاة والماء والتراب بتقدير كلمة الاستعمال ، أي وجب استعمالهما كما يقال : يحرم الخمر أي يحرم استعمال الخمر وشربها ، ولا مانع من إسناد الوجوب إلى الماء والتراب بتقدير كلمة
__________________
(١) الوسائل ١ : ٣٧٢ / أبواب الوضوء ب ٤ ح ١.