نعم ، لا مانع من التزام ذلك واعتباره في الطهارة الخبثية ، حيث إنها مترتبة على طبيعي الغسل قصد به القربة أم لم يقصد ، وحينئذٍ يصح أن يقال يعتبر في تطهير الثياب غسلها بقصد الطهارة ، وهذا بخلاف الغسلتين والمسحتين في الوضوء ، لأن الأثر إنما يترتّب عليهما إذا تحققتا بداع قربي إلهي ولا أثر يترتب على طبيعيهما ، ومعنى ذلك أن الطهارة مترتبة على الوضوء الصحيح وفي المرتبة المتأخرة عنه ، ولا يمكن معه أخذ قصدها قيداً في الوضوء كما عرفت.
وببيان آخر : لا إشكال في أن الوجوب في قوله عليهالسلام « فقد وجبت » ليس هو الوجوب المولوي النفسي حتى يتوهم أنه قد تعلق على عنوان الطهارة فيجب قصد عنوانها في مقام الامتثال ، بل إنما هو وجوب غيري شرعي إن قلنا إن مقدّمة الواجب واجبة ، أو أنه وجوب إرشادي إلى تقيد الصلاة بالطهارة إذا أنكرنا وجوب المقدمة شرعاً ، وعلى أي حال ليست عبادية الوضوء مستندة إلى وجوبه الغيري أو الإرشادي ، بل العبادية مستفادة من الأمر النفسي المتعلق بذاته ، وعليه كيف يمكن أن يقال إن ترتب الوجوب الغيري أو الإرشادي على الوضوء بعنوان الطهارة كاشف عن أن متعلق ذلك الأمر النفسي المولد للعبادية مقيد بما إذا قصد بالوضوء عنوان الطهارة أي قصد رفع الحدث أو الإباحة.
نعم ، يستفاد منه أن الصلاة لا تتحقق إلاّ بالطهارة ، وأمّا أنها قيد في متعلق الأمر النفسي فلا.
بل لو قلنا بدلالة هذا الوجوب الغيري أو الإرشادي أيضاً على عبادية الوضوء مثلاً ، لم يمكننا اعتبار قصد عنوان الطهارة في الوضوء ، فإن غاية ما يستفاد منه وقتئذٍ أن علة جعل الوضوء شرطاً ومقدمة للصلاة إنما هي كونه طهارة ، وأما أن قصد الطهارة معتبر في تحقق ما هو المقدمة والشرط للصلاة فلا ، وهو نظير قوله عزّ من قائل بعد أمره المكلفين بالتيمم ( ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) (١) فإنه يستفاد منه أن العلّة في أمره
__________________
(١) المائدة ٥ : ٦.