يختلفون بكثرة الفصل والابتعاد بين الإصبعين أعني الوسطى والإبهام وقلتهما فترى أن شخصين متحدان من حيث الوجه غير أن الإصبع من أحدهما أطول من إصبع الآخر ، فهل المدار والاعتبار بأطولهما في الإصبع بحيث يجب على أقصرهما إصبعاً أن يغسل المقدار الزائد على ما دارت عليه إصبعاه ، أو أن الاعتبار بأقصرهما إصبعاً ، فلا يجب على أطولهما أن يغسل المقدار الزائد على ما دارت عليه إصبعا أقصرهما بحسب الإصبع؟
الصحيح أن المدار على أقلّهما فصلاً أعني أقصرهما إصبعاً وذلك لما تقدم من أن الوجه شيء واحد وليس له إلاّ حد واحد ، ولا يعقل أن يكون له حدّان أو أكثر والمفروض أنهما متساويان في الوجه ، فمقتضى إطلاق ما دلّ على وجوب غسل الوجه في الوضوء أن أقلهما فصلاً أيضاً مأمور بغسل وجهه بالمقدار الذي تدور عليه إصبعاه فلا يجب عليه الزائد على ذلك بمقتضى تلك المطلقات ، فاذا كان هذا هو حد الوجه الواجب غسله في أحدهما ، كان هذا هو الحد في وجه الآخر أعني أكثرهما فصلاً لا محالة لتساويهما من حيث الوجه سعة وضيقاً ، ولا يمكن أن يكون للوجه حد آخر لما عرفت ، وعلى ذلك لا يجب على أطولهما فصلاً غسل المقدار الزائد عما دارت عليه إصبعا أقلهما فصلاً.
وهكذا الحال فيما إذا كانا متفقين من حيث الإصبع ومختلفين في الوجه من جهة المساحة العرضية ، فإن الميزان وقتئذٍ إنما هو الاقتصار بأقلهما فصلاً أو أقصرهما وجهاً ، لأنه مشمول للمطلقات الواردة في وجوب غسل الوجه ، فاذا ثبت أنه الحد الواجب الغسل في أحدهما ثبت في الآخر أيضاً ، لتساويهما في الفصل المتخلل بين الإصبعين.
ولكن هذا المقدار من الاختلاف في عرض الوجه لا يكاد يترتب عليه ثمرة عملية ، وذلك من جهة لزوم الغسل في المقدار اليسير الزائد عن الحد الواجب في كل من الوجه واليدين من جهة المقدمة العلمية ، فزيادة أحد الوجهين عن الآخر بمقدار يسير كما هو الحال في الأشخاص المتعارفين لا يترتب عليها أثر عملي ، هذا كله في الأشخاص المتعارفين من حيث الوجه واليدين.