الوضوء وضوء ، وهو كلام لا ينبغي صدوره منه صلىاللهعليهوآلهوسلم نعم يصحّ أن يقال إنه شيء أو أمر ، وأمّا الوضوء فقد عرفت أنه لا معنى لحملة عليه.
والذي يسهل الخطب وهو العمدة في المقام ، أن هذا الذيل مما لا أصل له ، لأنه إنما وقع في كلامهما مرسلاً ، ولا يكاد يوجد في شيء من الأخبار الواردة في كيفية غسل الوجه في الوضوء ، لا في مسنداتها ولا في مرسلاتها ، ولا ندري من أين جاءا به. نعم ورد ذلك في روايات غسل الوجه مرة أو مرتين ، حيث روى الصدوق قدسسره في الفقيه أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم توضأ مرة مرة فقال : هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلاّ به (١) وهو أجنبي عما نحن بصدده ، لأن الكلام إنما هو في اعتبار غسل الوجه من الأعلى إلى الأسفل ، لا في اعتبار المرة وعدم جواز الغسل مرتين.
الوجه الرابع ممّا استدلّ به للمشهور : أن الأمر بالغسل في الآية المباركة والروايات إنما ينصرف إلى الغسل الخارجي المتعارف لدى الناس ، والدارج عندهم إنما هو غسل الوجه من الأعلى إلى الأسفل ، وأمّا الغسل نكساً فهو أمر غير معتاد فالغسل منصرف عنه لا محالة.
وهذا الاستدلال مورد للمناقشة صغرى وكبرى ، أمّا بحسب الصغرى ، فلأن المتعارف في غسل الوجه إنما هو الغسل من وسط الجبين أو ما يقرب من الوسط ، دون الغسل من قصاص الشعر إلى الأسفل ، لوضوح عدم جريان العادة بذلك ، ومعلوم أن هذا غير كافٍ في الوضوء.
وأمّا بحسب الكبرى ، فلأنّ الغلبة الخارجية في أفراد المطلق غير موجبة للانصراف إلى الفرد الغالب ، فان الحكم بعد ما ترتب على الطبيعة سرى إلى جميع ما يمكن أن يكون مصداقاً لها ، ولا فرق في ذلك بين الأفراد النادرة والغالبة ، فالغلبة غير موجبة لاختصاص الحكم بالغالب.
فالمتحصل إلى هنا أن وجوب غسل الوجه من الأعلى إلى الأسفل مما لم يقم عليه دليل.
__________________
(١) الوسائل ١ : ٤٣٨ / أبواب الوضوء ب ٣١ ح ١١ ، الفقيه ١ : ٢٥ / ٧٦.