جانبيه باليدين واكتفى به في وضوئه ، من دون أن يتصد للتبطين والتخليل ، فهذا يدلنا على عدم اعتبار غسل ما تحت الشعر ، لوضوح أنه صيقلي ولا ينفذ الماء داخله وتحته إلاّ بعلاج ، فيظهر من ذلك أن الواجب غسله من الوجه هو المقدار الذي يصل إليه الماء بطبعه حين إسداله على الوجه ، فلا يجب التخليل والتبطين والتعمق في إيصال الماء إلى البشرة ، بل ولا إلى الشعر المحاط بالشعر.
وصحيحة زرارة المروية في التهذيب قال : « قلت له : أرأيت ما كان تحت الشعر قال : كل ما أحاط به الشعر فليس للعباد أن يغسلوه ولا يبحثوا عنه ولكن يجرى عليه الماء » (١) ورواها الصدوق في الفقيه بإسناده إلى زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام (٢) ونظيرها غيرها من الروايات ، فان مقتضى تلك الروايات عدم وجوب التبطين والتعمق في غسل الوجه ، وكفاية مجرد جريان الماء عليه من دون وصوله إلى ذات البشرة ، بل ولا إلى الشعر المحاط بالشعر.
تنبيه : لا يخفى أن الرواية في كل من الفقيه والتهذيب على ما في الوسائل المطبوعة جديداً بلفظة اللاّم في قوله : « فليس للعباد » وكذا ظاهر الوافي (٣) أن نسختي الفقيه والتهذيب متوافقتان من هذه الجهة ، لأنه بعد ما نقلها عن التهذيب أشار إلى أن الصدوق في الفقيه أيضاً روى مثله عن أبي جعفر عليهالسلام وظاهر المماثلة هي المماثلة من جميع الجهات ، وعدم الفرق بين التهذيب والفقيه من هذه الناحية.
إلاّ أن شيخنا المحقق الهمداني قدسسره (٤) رواها عن التهذيب باللاّم كما نقلناها ، وعن الفقيه بـ « على » وأنه ليس على العباد أن يغسلوه ، وقد عرفت أنه مخالف لنقل الوافي والوسائل المطبوعة جديداً ، نعم التهذيب والفقيه في طبعتهما الأخيرة موافقان لنقل شيخنا المحقق فليلاحظ ، هذا كله في أصل المسألة.
__________________
(١) الوسائل ١ : ٤٧٦ / أبواب الوضوء ب ٤٦ ح ٢ ، التهذيب ١ : ٣٦٤ / ١١٠٦.
(٢) الفقيه ١ : ٢٨ / ٨٨.
(٣) الوافي ٦ : ٢٧٩.
(٤) مصباح الفقيه ( الطهارة ) : ١٣٧ السطر ٢٤ ٢٦.