الوجه واليدين دون الأيادي الثلاث أو الأربع ونحوهما ، فلو حكمنا بوجوب غسل اليدين الموجودتين في جانب واحد ، للزم الحكم باعتبار غسل الأيادي الثلاث أو الأكثر في الوضوء ، وهو على خلاف ما نطقت به الروايات ، بل وعلى خلاف الآية المباركة ، فإن الجمع الوارد فيها في قوله عزّ من قائل ( وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ ) إنما هو بلحاظ آحاد المكلفين ، ومعناه أن كُلاًّ يغسل يديه ووجهه ، لا أن كُلاًّ يغسل وجهه وأياديه الثلاث أو الأربع ونحوهما.
ويندفع هذا الوجه بأن اشتمال الأدلة على اليدين إنما هو من جهة كونها ناظرة إلى الأغلب والمتعارف في الأشخاص ، إذ الأغلب أن يكون للإنسان يدان لا أكثر ، ولا نظر لها إلى نفي وجوب الغسل في اليد الزائدة التي قد يتحقق في بعض المكلّفين.
وثانيهما : أن اليد الواجب غسلها قد حددت في الآية المباركة بكونها إلى المرافق فلا تندرج في الآية المباركة إلاّ اليد المشتملة على المرفق ، واليد الزائدة إنما يمكن الحكم بوجوب غسلها تمسّكاً بإطلاق الآية وغيرها من الأدلة فيما إذا اشتملت على المرفق ، وأما إذا لم يكن لها مرفق بأن كانت اليد عظماً واحداً متصلاً ، كما قد يقال إن رجل الفيل كذلك ، فلا مناص من الحكم بعدم وجوب غسلها ، لخروجها عن المحدود فإذا وصلنا إلى المرفق لدى الغسل فقد امتثلنا الأمر بغسل اليد من دون حاجة إلى غسل العضو الزائد بوجه.
وفيه : أن المرفق إنما ذكر في الآية المباركة حداً للمغسول دون وجوب الغسل وهو حد للأوساط المتعارفة ذوات الأيادي المشتملة على المرافق دون الفاقدين للمرافق ، فاللازم في اليد الفاقدة للمرفق هو غسلها إلى حد المرفق في الأشخاص المتعارفة ، نظير ما إذا لم يكن للمكلف يد زائدة ، إلاّ أن إحدى يديه الأصليتين كانت فاقدة للمرفق ، فكما أن وظيفته هو غسل يده إلى حد المرفق في الأشخاص المتعارفة فليكن الحال كذلك في من كانت له يد زائدة.
فالصحيح : أنّ اليد الزائدة في هذه الصورة أيضاً لا بدّ من غسلها ، كما يجوز المسح بأية من اليدين شاء المكلف ، لصدق أنها اليد اليسرى أو اليمنى حقيقة ، هذا كله فيما إذا كانت اليد الزائدة أصلية.