ما يدل على وجوب الدعاء في صلاة الجنائز
ويؤيِّد ما ذكرناه من وجوب أصل الدعاء في صلاة الميِّت رواية أبي بصير : « كنت عند أبي عبد الله عليهالسلام جالساً فدخل رجل فسأله عن التكبير على الجنازة فقال عليهالسلام : خمس تكبيرات ، ثم دخل آخر فسأله عن الصلاة على الجنازة فقال عليهالسلام : أربع صلوات ، فقال الأوّل : جعلت فداك سألتك فقلت خمساً وسألك هذا فقلت أربعاً ، فقال عليهالسلام : إنك سألتني عن التكبير وسألني هذا عن الصلاة ، ثم قال عليهالسلام : إنها خمس تكبيرات بينهن أربع صلوات » (١).
وهي صريحة في أن صلاة الميِّت يعتبر فيها الدعاء زائداً على التكبيرات الخمسة.
ورواية الفضل عن الرضا عليهالسلام : « إنما أُمروا بالصلاة على الميِّت ليشفعوا له وليدعوا له بالمغفرة » (٢) حيث دلت على اعتبار الدعاء فيها.
كما يدل على ما ذكرناه صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم ومعمر بن يحيى وإسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « ليس في الصلاة على الميِّت قراءة ولا دعاء مؤقت ، تدعو بما بدا لك » (٣) وذلك لما ذكرناه في مفهوم الوصف من أن له مفهوماً غير المفهوم المدعى للقيود ، بمعنى أنه إذا ورد : أكرم الرجل العالم ، لم يدل ذلك على أن الرجل العادل غير واجب الإكرام ، إذ لا يستفاد منه العلية المنحصرة ، بل يمكن أن يدلنا دليل ثان على أن العدالة علة أُخرى للإكرام.
إلاّ أنه يدل على أن للعالمية مدخلية في ترتب الحكم على موضوعه وأن وجوب الإكرام لم يترتّب على طبيعي الرجل ، بل على الحصة الخاصة منه وهو المقيد بالعلم وإلاّ لكان أخذه في لسان الدليل لغواً محضاً.
وعلى هذا يتبيّن أن نفي الوجوب في الصحيحة إنما ترتب على الدعاء المؤقت أي
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٧٥ / أبواب صلاة الجماعة ب ٥ ح ١٢.
(٢) الوسائل ٣ : ٧٨ / أبواب صلاة الجنازة ب ٥ ح ٢١.
(٣) الوسائل ٣ : ٨٨ / أبواب صلاة الجنازة ب ٧ ح ١.