وثانيهما : أن يقال : إن المكلف عند اعتقاده ضيق الوقت عن الطلب يكون محكوماً من قبل العقل بالصلاة مع التيمّم ، لوجوب الخروج عن عهدة الأمر بالصلاة ، وبما أنه فاقد الماء فيلزمه العقل بالإتيان بها مع التيمّم ، ومعه يكون عاجزاً عن الماء وطلبه لعدم إمكان اجتماع الأمر بالصلاة مع التيمّم مع الأمر بالطلب ، وقد تقدم سقوط الطلب عند العجز عنه لأنه طريق إلى الصلاة مع الوضوء ، ومع العجز عن الطلب يسقط الأمر بالطلب.
ويرد على الوجه الأوّل : أن الصحيحة إنما تدل على أن المكلف إذا خاف فوت الوقت صلّى في آخر الوقت متيمماً وصلاته حينئذ مأمور بها ، فلا بدّ من النظر فيها إلى أن الخوف هل هو موضوع للحكم بوجوب الصلاة مع التيمّم أو أنه طريق إلى ضيق الوقت ليصح التعدي عن موردها على الأوّل إلى ما نحن فيه.
والصحيح أن الخوف قد أُخذ طريقاً إلى ضيق الوقت واقعاً ، وليس له موضوعية في الحكم بوجوب الصلاة مع الطهارة الترابية ، وذلك بقرينتين :
إحداهما : قوله : « خاف أن يفوته الوقت » (١) فان ظاهره وقت الصلاة ، فدلت هذه الجملة على أن فوت الوقت الواقعي هو الموجب للحكم بوجوب الصلاة مع التيمّم والخوف طريق إليه.
وثانيتهما : قوله : « وليصل في آخر الوقت » (٢) فان المراد بالوقت فيها هو الوقت المذكور قبله أعني وقت الصلاة لا وقت الخوف كما لا يخفى وهذا يدلّنا أيضاً على أن المدار على نفس الوقت ، والخوف طريق إليه ، ولا موضوعية له في الحكم ليمكننا التعدي إلى ما نحن فيه.
وعلى الجملة : أن مفروض الصحيحة ما إذا صلّى آخر الوقت ، ولا يتصور معه انكشاف سعة الوقت بعد الصلاة في الوقت وإلاّ لم يكن صلّى آخر الوقت بل قبله وهو غير ما نحن فيه ، أعني ما إذا اعتقد ضيق الوقت ثم انكشف سعته. فدلّت الصحيحة على أن من خاف فوت الوقت وصلّى آخر الوقت لم يجب عليه القضاء.
__________________
(١) ، (٢) الوسائل ٣ : ٣٦٦ / أبواب التيمّم ب ١٤ ح ٣ وقد ذكر جزء منها في ٣٤١ / ب ١ ح ١.