وواقعاً إلاّ أن المريض غالباً ما يكون واجداً للماء حقيقة لكنه لا يتمكّن من استعماله.
فالمراد من عدم الوجدان هو عدم التمكّن من استعماله لكونه موجباً لشدّة المرض أو بطئه أو صعوبة علاجه أو غير ذلك من الأُمور علماً أو احتمالاً ، إذ لو كان استعماله لا يؤثر في اللاحق وجب أن يتوضأ لعدم كونه مضراً في حقه. إذن المدار في وجوب التيمّم هو احتمال كون الماء مضراً وموجباً لشدة المرض أو لغيرها ، ولا فرق بين سبق المرض وعدمه ، فالمدار على احتمال الضرر.
ويدلُّ عليه الأخبار الواردة في المجذوم والكسير والقريح الدالّة على أنهم يتيممون (١) ، إذ لا وجه له سوى احتمالهم كون الماء مؤثراً في الجذام أو الكسر أو القرحة في اللاّحق. وفي بعض الأخبار (٢) أنه لو خاف على نفسه البرد تيمم ، فتدلنا هذه الأخبار على الانتقال إلى التيمّم عند احتمال الضرر بلا فرق بين سبق المرض ولحوقه.
كما يمكن الاستدلال عليه بأدلة نفي الحرج ، لأن إلزام المكلف بالوضوء أو الغسل مع احتمال كونه مضرّاً بحاله كما لو استلزم العمى فيما لو توضأ أو اغتسل من بعينه الرمد موجب للعسر والحرج ، وهما منفيان في الشريعة المقدسة.
نعم لا مجال للاستدلال عليه بحديث لا ضرر (٣) بل الاستدلال به من عجائب الكلام ، وذلك لأنه لا علم بالضرر في موارد الخوف ، وكلامنا في مسوغية الخوف نعم الضرر محتمل عند الخوف وليس بمعلوم ، ومع عدم إحراز الضرر كيف يتمسك بحديث لا ضرر ، فإنّه من التمسّك بالعام في الشبهة المصداقية من طرف العام ولا يقول به أحد ، وإنما يرى جوازه من ذهب إليه في الشبهة المصداقية من طرف المخصص ، بل مقتضى الاستصحاب عدم تحقق الضرر.
نعم لا بأس باستدلال المحقق الهمداني قدسسره في المقام بما دلّ على نفي العسر
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٣٤٦ / أبواب التيمّم ب ٥.
(٢) الوسائل ٣ : ٣٤٨ / أبواب التيمّم ب ٥ ح ٧ ، ٨.
(٣) الوسائل ١٨ : ٣٢ / أبواب الخيار ب ١٧.