الغسل.
وذلك لأن ما دل على مسوغية الخوف للتيمم مثل قوله : « لو يخاف على نفسه من البرد لا يغتسل ويتيمم » أو قوله تعالى ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى ) (١) بالتقريب المتقدم حيث قلنا إن المريض غالباً يحتمل الضرر في استعمال الماء لا أنه يقطع بالضرر ليس فيه أي إجمال حتى يؤخذ بالقدر المتيقن منه ، بل هو مطلق يعم ما إذا بقي الخوف وما إذا ارتفع تمسكاً بإطلاقه ، بل الأمر كذلك حتى مع قطع النظر عن هذا الإطلاق لأن الخوف المتأخر الباقي لا يؤثر في مسوغية الخوف الحادث السابق ، ولا يكون ارتفاعه موجباً لسقوط ما سبق من الخوف عن الموضوعية والمسبوقية ، ومع الشك يرجع إلى إطلاق أدلة الخوف لا إلى إطلاق أدلة وجوب الوضوء أو الغسل.
بل الوجه فيما أفاده الماتن قدسسره ما دلّ على أن وجدان الماء ناقض للتيمم كناقضية الحدث للطهارة المائية ، وحيث إنه انكشف الخلاف وتبين أنه متمكن من استعمال الماء فقد صار واجداً للماء وهو ناقض للتيمم. هذا كله في إحدى صورتي عمل المكلف بوظيفته الفعلية.
والصورة الأُخرى وهي ما إذا اعتقد عدم الضرر في استعمال الماء فتوضأ أو اغتسل ثم انكشف ضرره في حقه ولزوم التيمّم عليه فقد ذهب الماتن قدسسره فيها إلى صحّة وضوئه أو غسله وعدم وجوب التيمّم عليه ، وهذا هو الصحيح.
وذلك لأن الضرر الواقعي إذا لم يبلغ مرتبة الحرمة كالحرج ، وقلنا في المسألة السابقة بتخيّر المكلف بين الوضوء أو الغسل وبين التيمّم خلافاً للمحقق النائيني قدسسره لا يكون هنا نقض لوضوئه أو غسله.
وتوضيحه : أن قاعدتي نفي الضرر والحرج إن قلنا بأنهما تختصان بالأحكام الإلزامية دون أن تشمل الأحكام الترخيصية والاستحباب النفسي للوضوء وغيره من الطهارات الثلاثة حتى فيما علمنا بالضرر فضلاً عمّا إذا احتملناه كما في المقام فلا إشكال.
__________________
(١) النساء ٤ : ٤٣.