عن المسجد والأمر بالصلاة.
ثم إذا كان الواجبان المتزاحمان أحدهما ممّا له البدل والآخر مما لا بدل له هل يكون ما لا بدل له أهم مما له البدل ليتقدّم عليه ، أو أن الواجب الذي لا بدل له لا يوجب أهميته وتقدمه على مزاحمة؟
وتفصيل الكلام في المقام : أن الواجب قد يزاحمه واجب آخر له إبدال عرضية كخصال الكفارة إذا فرضنا أن واجباً يزاحمه إطعام ستين مسكيناً مثلاً. وفي مثله لا بدّ من الإتيان بكلا الواجبين لخروجهما عن التزاحم حقيقة ، حيث إن الأمر فيما له إبدال عرضية قد تعلق بالجامع بينها لا بكل واحد من الخصال بخصوصه على ما شرحناه في الواجب التخييري (١) مفصّلاً ، ولا تزاحم بين الواجب والجامع بين الأبدال ، إنما المزاحمة بينه وبين خصوص إطعام ستين مسكيناً على الفرض ، وليس الإطعام مأموراً به ، كما لا مزاحمة بينه وبين صيام شهرين متتابعين ، وهذا ظاهر.
ونظيره ما إذا كان لأحدهما أفراد طولية وكان الواجب مزاحماً لفردٍ منها دون فرد كما في إزالة النجاسة عن المسجد في سعة الوقت للصلاة ووجوب صلاة الآيات والوقت يسعها والفريضة وغيرهما من الأمثلة وهذا خارج عن التزاحم حقيقةً أيضاً ، لأن الواجب إنما يزاحم فرداً من الفريضة والفرد ليس مأموراً به ، وإنما تعلق الأمر بالطبيعي وهو لا يزاحم الواجب فيجب في مثله الإتيان بكليهما.
ومثله ما إذا زاحم واجب مع الصلاة تماماً في مواضع التخيير ، فإنه مزاحم لفرد من الواجبين التخييريين لا مع المأمور به الجامع بين القصر والتمام ، ومعه يجب الصلاة قصراً مع الإتيان بالواجب الآخر لعدم التزاحم بينهما.
وقد يكون الواجب مزاحماً لواجب آخر له بدل طولي كالتيمّم بالنسبة إلى الوضوء وهل كون أحدهما مما لا بدل له يوجب أهميته عما له البدل ليتقدّم عليه؟
قد يقال بأن ما لا بدل له لا يلزم أن يكون أهم ، بل قد يكون ما له البدل الطولي
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٤ : ٤٠.